واعلم أنّ هذا [ الحكم ] مخصوص بمنفصل عقلي ؛ فإنّ البسملة كلام ولا يفتقر إلى بسملة ؛ لامتناع التسلسل [ بأن يبتدئ ] غيرها بها ، فهو فيها بنفسها.
ووجدنا بخطّ المصنّف ( قدّس الله سرّه ) : قال بعض العلماء : البسملة قول من ربّنا أنزله عند رأس كلّ سورة يقسم لعباده أنّ [ هذا الذي ] وضعت لكم ـ يا عبادي ـ حقّ بأنّي أوفي بجميع ما ضمّنته في هذه السورة من وعدي ولطفي وبرّي (١).
وعن عليّ ( كرّم الله وجهه ) : « هي شفاء من كلّ داء ، وعون على كلّ دواء ، وهي أمان » (٢).
وعن الزهري : أنّها كلمة التقوى التي كانوا أحقّ بها (٣).
وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة : أنّ كلمة التقوى كلمة الوحدة (٤).
وفي كتاب الدرّ النظيم في مناقب الغرّ اللهاميم (٥) ما رواه الإمام الصادق عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنّ الله جلّ وعزّ قال له ليلة الإسراء : « إنّ كلمة التقوى علي بن أبي طالب ».
قال : ( الحمد لله الذي لم يخلق الخلق عبثا ، ولم يدعهم هملا ، بل كلّفهم بالمشاقّ علما وعملا ).
أقول : الحمد : هو وصف المنسوب إليه بالقبول على جميل كماله وجزيل نواله.
ونفي العبث ، يدلّ [ عليه ] بفائدتين :
أحدهما : الاقتباس بالآية الكريمة : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ) (٦) وفيه توبيخ لمن نفى الغرض عن أفعاله تعالى ، وقد عرف من ذلك معنى العبث.
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١ : ٦٥ ، ( مقدّمة المؤلّف ).
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١ : ٧٥ ، ( مقدّمة المؤلّف ).
(٣) كشف الأسرار ٩ : ٢٢٩.
(٤) كشف الأسرار ٩ : ٢٢٩.
(٥) هذا الكتاب للشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي تلميذ المحقّق الحلّي ، وهو مخطوط لم يتيسّر لنا التخريج عنه. ولكن روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كتاب سليم بن قيس الهلالي ٢ : ٦٨٦ / ١٤ و ٨٥٧ / ٤٥.
(٦) المؤمنون (٢٣) : ١١٥.