وكلامهم هذا سخيف جدّا ، مردود عقلا وسمعا.
أمّا سمعا : فللآية المذكورة.
وأمّا عقلا : فلأنّه لو كان المراد وصول القرض إليه لاستحال الإقراض ؛ لاستحالة الإشارة الحسّيّة عليه ، فيكون الحثّ قد تعلّق بممتنع الحصول ، بل المراد ذوي الحاجات ، وأرباب الفاقات الذين فرضت لهم الصدقات ، واستحبّت لهم الصلات ؛ فإنّهم عيال الله سبحانه.
إن قلت : الخلق كلّهم عياله ، فما وجه تخصيصهم.
قلت : وجهه ثبوت الفرق بين القادر المأمور بالمشي والعاجز عن السلوك في مذاهبها.
قوله : ( والعجز والجهل ).
أقول : لأنّهما صفتا نقص ، وهو كاذب على الواجب.
فسلبهما عنه تعالى لازب وواجب ، ولنحسن الإشارة هنا إلى بيان سلب العجز والجهل على الإطلاق الذي لازمه في الأحياء عموم القدرة والعلم ، فهنا مطلبان :
فنقول : ذات الله سبحانه مجرّدة لا تخصيص له بشيء دون آخر ، بل الأشياء إليه على السواء ؛ ولأنّ علّة تعلّق قدرته بالأشياء إمكانها ، فحيث وجدت العلّة وجد المعلول ؛ لامتناع تأخّر معلول الموجب عنه ، ولمّا شاعت العلّة التي هي الإمكان شاع التعلّق الذي هو المعلول وهو المطلوب.
هذا وقد ذهب [ الأوائل ] إلى نفي قدرته تعالى عمّا وراء مقدور واحد بالشخص (١). واحتجاجهم بدخول الصدورين المستلزم للتركيب ، أو خروجهما المستلزم للتسلسل ، معارض بمثله في الصدور الواحد.
__________________
(١) للمزيد راجع كشف المراد : ٢٨٣ ؛ الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ : ٣٧٥.