فائدة :
الفرق بين عين المقدور ومثله أنّ عينه هو أن يكون فعلا واحدا بالشخص تتعلّق إرادة الله والعبد به في وقت واحد ، وأمّا المثل فهو كون الفعل من جنس فعل العبد ، ولم تتعلّق إرادتاهما معا ، ولا إرادة أحدهما وكراهة الآخر به في الوقت الواحد.
وبيانه : أنّه إن صحّ منه تعالى أن يعلم كلّ معلوم وجب له ذلك ؛ لأنّه حيّ وصفاته نفسيّة.
ونفى قوم من الأوائل علمه بذاته ، فالعالم والمعلوم متغايران ، ولمّا امتنع على الواجب التكثّر امتنع عليه العلم به (١).
جوابهم : الاكتفاء بالمغايرة ولو بوجه. والذات هنا من حيث عالميّتها مغايرة لمعلوميّتها ؛ ولأنّ العلم يعلم بنفسه.
ونفى قوم منهم علمه بغيره وإن كان عالما بذاته ؛ لأنّه يكون محلا للصور ؛ إذ العلم صورة مساوية للمعلوم حالّة في العالم (٢).
جوابهم : العلم نسبة وإضافة ، فسقط كلامهم.
ونفى بعضهم علمه بالمتغيّرات الشخصيّة ، وإلاّ لتغيّرت ذاته لتغيّر علمه بتغيّر معلومه (٣).
جوابهم : أنّه تعالى فاعلها أو أسبابها بالاختيار فوجب علمه بها.
ونقل الكعبي عن هشام : أنّه تعالى لا يعلم الحوادث قبل وجودها ؛ لأنّه يلزم الجبر ونفي قدرة الربّ ، إذ لو علمها بالوجوب أو العدم فواجب وممتنع ، كما قال عبّاد في القدرة.
__________________
(١) للمزيد راجع إرشاد الطالبين : ٢٠٠ ؛ اللوامع الإلهيّة : ١٢٢.
(٢) حكاه عنهم في إرشاد الطالبين : ٢٠٠ ؛ اللوامع الإلهيّة : ١٢٣.
(٣) للمزيد راجع تلخيص المحصّل : ٢٩٥ ـ ٢٩٨.