الجزئيّة غير المحسوسة ، كإدراك الحيوان معنى في المفترس يوجب الهرب ، وهي بمنزلة عقل الإنسان.
والإحساس : يمكن أن يريد به مطلقه من المدرك بالحسّ الظاهر كالآلات الخمس ، والباطن كالقوى الخمس ، وأن يريد به الحسّ المشترك خاصّة ، وهو قوّة مركوزة في الجزء الأوّل من التجويف الأوّل من الدماغ ، وفعلها إدراك المحسوسات التي تدركها الحواسّ الظاهرة.
أمّا الفعل : فهو مبدأ التغيير في آخر ، أو إخراج الشيء من الإمكان إلى الوجوب ، أو إيجاد الشيء بعد أن كان مقدورا ـ هكذا قيل ـ وفي الأوسط انقلاب الحقائق ، وفي الأخير التعريف بالمضايق ؛ لتعريفهم القادر بمن صحّ منه الفعل. وفعله منع القوى العقليّة ، فإنّ النفس إذا فعلت المشتهى مرّة بعد أخرى توطّنت عليه ويعسر انجذابها إلى مقابله.
[ فاصرف هواها وحاذر أن تولّيه ] |
|
إنّ الهوى ما تولّى يصم أو يصم (١) |
قال : ( الثانية : دوام النظر في الأمور العالية المطهّرة عن العوارض المادّية والكدورات الحسّيّة ، المؤدّية إلى ملاحظة الملكوت ، ومعاينة الجبروت ).
أقول : المراد بالأمور العالية البارئ سبحانه وصفات كماله وجلاله ، وتسمّى صفات كماله صفات جماله وفي الدعاء : « أسألك بجمالك وجلالك » (٢) وهذه موجبة ملاحظة الملكوت.
والملكوت : هو الملك ، بني كذلك للمبالغة. والجبروت : الجبر والكبر. والتاء في الموضعين زائدة.
قال : ( الثالثة : دوام تذكّر إنذار الشارع ، ووعده للمطيع ، ووعيده
__________________
(١) من قصيدة البردة في مدح الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للبوصيري. انظر شرح قصيده برده : ٣٧.
(٢) الكافي ٢ : ٥٢٧ / ١٥ باب القول عند الإصباح والإمساء ، و ٥٧٩ / ٦ باب دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة.