أو نقول : فعلى هذه اللوازم يقرب من وقوع الشكر ويبعد من عدمه فيكون لطفا فيه ، ولعلّ القائل ـ يعني الكعبي ـ عنى ذلك. وهذا شعبة من مذهب اللطف ؛ لأنّ صاحب اللطف جعل الوجه اللطف في العقلي مطلقا سواء كان شكر نعم أم لا ، وهذا جعله لطفا فيما هو شكر خاصّة.
والشكر في الاصطلاح العامّ : هو الاعتراف بالنعمة ، ولمّا كان فعل التكليف السمعي لازما له أطلق الكعبي عليه الشكر مجازا واتّساعا.
فإذا توجّه لك أنّ القيام بالواجب لطف في الشكر عرفت اللطف في الثلاثة الأخر ؛ فإنّ الندب كالتكملة للفرض فيكون لطفا مندوبا ، إذا حملنا التكملة على ما لا يجب كما سلف.
واجتناب الحرام والمكروه يوجب صيانة اللوازم الثلاثة القلبي واللساني والجوارحي عن تطرّق النقض ، وهذا المذهب استحسنه المصنّف رحمهالله.
وأقول : في الحكم بكونها لطفا في الشكر نظر ؛ للزومه الدور ، فإنّه لا ماهيّة معقولة هنا ، سوى الاعتقاد القلبي ـ الذي هو الاعتراف بالنعمة ـ ولوازمه الثلاثة ، فتكون اللوازم لطفا منه تستدعي سبقها عليه ، وكونها لوازم تستدعي تأخّرها عنه ، وهو دور ظاهر.
إن قلت : لا نسلّم أنّ تأخّر اللازم على الإطلاق للزوم الجزء للكلّ مع تقدّمه عليه.
قلت : هذا مسلّم في اللازم الداخل ، أمّا الخارج فلا ، واللوازم الثلاثة خارجة ، فاستمرّ الدور.
قال : ( المذهب الثالث لجمهور الأشعريّة ، وهو أنّ الأحكام إنّما شرّعت لمجرّد الأمر والنهي لا لغاية أخرى ، بناء على هدم قاعدة الحسن والقبح العقليين ، وأنّ أفعال البارئ جلّ ذكره معلّلة بالأغراض ، بل على عدم الحاجة إلى العبادة أصلا ).
أقول : هذا المذهب يمكن بناؤه على أصول أربعة :