الشعبة الثانية : لا يشترط إسلامه ـ يعني المكلّف ـ مطلقا بالمعقولات أو المنقولات ، فإنّ اشتراط إسلامه يستلزم الدور في أحد القسمين ، فإنّه لا يصحّ على ذلك تكليفه مطلقا إلاّ إذا كان مسلما لكن إسلامه من جملة تكليفه ، ولا يصحّ إسلامه إلاّ إذا كان مسلما.
الشعبة الثالثة : جواب سؤال ورد ، وهو أنّ التكيف مشروط بعدم المفسدة ، وتكليف الكافر مفسدة ؛ لاستلزامه للعذاب الأليم بالخلود في طبقات الجحيم ، فينتظم هنا قياس من الشكل الأوّل ، هو تكليف الكافر مفسدة ، ولا شيء من المفسدة يصدر من الحكيم تعالى ، فلا شيء من تكليف الكافر يصدر من الحكيم تعالى.
والجواب : أنّ المفسدة قسمان :
مفسدة تنشأ من نفس التكليف وهذه هي المشروط نفيها.
ومفسدة تنشأ من سوء اختيار المكلّف ، وهو عدم قبوله ، وهذه ليست لازمة للتكليف ، وإلاّ لما قبل التكليف أحد ، فاشترك التكليفان في القائدة ، وهي التعريض للثواب ، على ما عرفت.
فظهر من ذلك عقم القياس المذكور ؛ لعدم اتّحاد أوسطه ؛ فإنّ المفسدة المحمولة في الأولى غير الموضوعة في الثانية فاعلم ذلك.
قال : ( ووجوبه مشروط بكمال العقل ، وبعلم ما نصبه الشارع من الأمارات ).
أقول : الضمير في وجوبه عائد إلى التكليف بنوعيه ، واشتراطه بكمال العقل ظاهر الصواب ؛ لقبح تكليف ما لا يفهم الخطاب ، وهذا يلتفت إلى تحسين العقل وتقبيحه وإلى قدرة العبد على قبيح الفعل ومليحه.
قوله : وبعلم ما نصبه الشارع من الأمارات.
اعلم أنّ الأمارات الشرعيّة من جملة النوع السمعي ، فإن لم يشترط علم وجوبهما بأمارات أخرى لم تكن القضيّة كلّية ، لخروج بعض السمعيّ من اشتراطه بأمارات سمعيّة ، وهو الأمارات أنفسها ، وإن اشترطت بأمارات أخر دار أو تسلسل ، وإن