ومنهم : « البركسهيكيّة » فيتّخذون صنما ، ويطلبون أحسن الشجر وأطولها ، فيجعلونه موضع تعبّدهم.
ومنهم : « الدهكينيّة » يتّخذون صنما على صورة امرأة ، وعيدهم من السنة استواء الليل والنهار ، عند دخول الشمس الميزان ، ويقرّبون فيه القرابين من غير ذبح ، بل يضربون أعناقها بين يديه ، ويقرب من ذلك ما حكاه أبو عيسى الورّاق في كتابه كتاب المقالات (١).
وقال الإمام السيّد المرتضى ( رضوان الله عليه ) :
حكى قوم ممّن يعرف أمور العالم ويبحث عن قصصهم : أنّ كثيرا من أهل الهند والصين كانوا يتقرّبون إلى الله بعبادة الكواكب ، فلمّا رأوا أفولها في بعض الأوقات أشار عليهم بعض رؤسائهم أن يجعلوا أصناما يرونها في كلّ وقت ، فاتّخذوا سبعة على عدد سبعة الكواكب التي هي سيّارة مشهورة ، وجعلوا لكلّ صنم بيتا سمّوه باسم الكوكب ، فجعلوا بيتا على رأس جبل بأصبهان ، وبيتا بمولتان وبسدوسان وكلاهما من الهند ، وبيتا بمدينة بلخ ، وبيتا بمدينة فرغانة وكلاهما من خراسان ، وبيتا بمدينة صنعاء من اليمن ، وزعم بعضهم أنّ بيت الله الحرام كان بيت زحل ، ثمّ نشأ عمرو بن لحي فساد قومه بمكّة ، واستولى على البيت ، وصار إلى مدينة البلقاء بالشام ، فرأى هناك قوما يعبدون الأصنام فسألهم عنها ، فقالوا : أربابا نتّخذها ، نستنصر بها فننصر ونستشفي بها فنشفى ، وطلب منها صنما فدفعوا إليه « هبل » ، فوضعه في الكعبة ، ودعا الناس إليها (٢).
وذكر المازندراني في تفسير قوله تعالى : ( وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ) (٣) : أنّ هذه أصنامهم في الأوّلين ، وجرى على وجه التشبيه في الآخرين (٤).
يقال : كان نوح عليهالسلام يحرس تربة آدم عليهالسلام على جبل بالهند ، وكان المسلمون يطوفون بقبره ، وحيل بين المشركين وبين الطواف فقال الشيطان للكفّار : إنّما هذا جسد ، فأنا
__________________
(١) راجع الملل والنحل ٢ : ٢٦٠ ـ ٢٦١.
(٢) رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٢٩ ـ ٢٣١.
(٣) نوح (٧١) : ٢٣.
(٤) تفسير الطبري ٢٩ : ٦٢ ؛ وانظر غرائب القرآن ( بهامش تفسير الطبري ) ٢٩ : ٥٢.