مهمّاته مقصورة عليه ، ولهذا قال في النسخة الأخرى : « إن شئت شاء ، وإن شاء شئت » أي لا توجد من أحدهما مشيئة تخالف مشيئة الآخر ، بل لهم مرتبة أعلى من هذه ، وهي رفع مشيئة العبد بالإطلاق ؛ لأنّ له مع الأولى تصرّف بخلاف هذه.
ولهذا قيل لبعضهم : ما تريد؟ قال : أريد أن لا أريد ، يعني أريد أن تفني إرادتي ، فلا أريد شيئا البتّة ، وفي ذلك زوال الأمراض عن القلوب ، وترك الاعتراض بحكم الربّ المحبوب. أدرجنا الله في مراتب السالكين ، وأخرجنا من مذاهب الهالكين ، بمحمّد وآله وصحابته والتابعين ، سلام الله عليهم أجمعين.
باب :
روى الصدوق (١) أيضا بإسناده إلى إسحاق بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معشر من أسلم بلسانه ، ولم يخلص الإيمان إلى قلبه ، لا تذمّوا المسلمين ، ولا تتبّعوا عوراتهم ، فإنّ من اتّبع عوراتهم تتبّع الله عزّ وجلّ عورته ، ومن تتبّع الله عزّ وجلّ عورته يفضحه ولو في بيته » (٢).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أذاع فاحشة كان كمبتدئها ، ومن عيّر مؤمنا بشيء لم يمت حتّى يرتكبه » (٣).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : « من لقي أخاه بما يؤنّبه أنّبه الله عزّ وجلّ في الدنيا والآخرة » (٤).
قلت : أنّبه ، أي لامه وعنّفه وأزرى عليه وأعتبه. ومنه قول السيّد الحميري :
وعاذلة هبّت بليل تؤنّب ...
__________________
(١) لعلّ هذا من سبق القلم والصحيح : « روى الكليني أيضا » لأنّ ما قبله من الروايات برواية الكليني ؛ ولم نعثر في أحاديث هذا الباب على رواية الصدوق إلاّ الحديث الأوّل والثاني ، والأوّل بسند آخر.
(٢) الكافي ٢ : ٣٥٤ / ٢ ، باب من طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم ؛ ورواه الصدوق بسند آخر في عقاب الأعمال : ٢٨٨ / ١.
(٣) عقاب الأعمال : ٢٩٥ / ٢ ؛ الكافي ٢ : ٣٥٦ / ٢ ، باب التعيير.
(٤) الكافي ٢ : ٣٥٦ / ١ ، باب التعيير.