الاعتراض على أفعال الحكيم. وقد سلف ذلك غير بعيد ، فليراجع إذا أريد.
وقال صاحب اللطف أيضا على هذا المذهب : لو كان الوجه ما ذكرتم لما وقع الفرق بين الساهي والمصلّي والساهي والشارب إذ لم يفعلا تركا.
فقال المصنّف في ذلك : الساهي غير مكلّف ، فلا يشمله الكلام ؛ لعدم تعلّقه بالأحكام.
قال : ( ونمنع شمول التفسيرين لما يصدق عليه اسم الشكر. ونحن قد بيّنّا أنّ الشكر الخاصّ شامل للعبادات. سلّمنا ، لكنّ العبادة مشتملة عليهما.
قوله : بخلاف العبادة فإنّها قد تقبح.
قلنا : المعتبر هو كيفيّة خاصّة للعبادة التي هي شكر ، وأصلها قائم ، ولم لا يكون الباري جلّ اسمه جعل للشكر وظائف مختلفة بحسب الأشخاص والأزمنة والأحوال والأمكنة؟ مع أنّ الشكر في الشاهد يختلف بحسب المقام ، وحينئذ يتطرّق إليه النسخ والتخصيص وغيرهما ).
أقول : هذا الإيراد الرابع من المصنّف على الوجه الثاني الذي أبطل به صاحب اللطف مذهب الشكر ، وذلك أنّه لمّا قال : إنّ العبادة لا تدخل في تفسيرين ، منع المصنّف شمولهما لما يصدق عليه الشكر ، بل جعل التفسيرين أخصّ من الشكر ، والأخصّ غير شامل كما عرف في الحدود.
ثمّ قال : ونحن قد بيّنا أنّ الشكر الخاصّ شامل لها ، ويعني بالشكر الخاصّ الاعتقاد القلبي بأنّ جميع النعم من الله سبحانه ، ويلزمه شغل اللسان والجنان والأركان كما سلف ، فعمل الأركان أحد أقسام الشكر الخاصّ. وليس المراد بالخاصّ أنّه نوع تحت جنس كالإنسان تحت الحيوان ؛ فإنّ الاعتقاد مع اللوازم الثلاثة ليس كذلك ، بل المراد أنّه أنفع أنواع الشكر ؛ لوجوده مع كلّ واحد منها ، وهو بهذا الاعتبار كالجنس.
ثمّ سلّم المصنّف شمول التفسيرين لما يصدق عليه الشكر ، وادّعى أنّ العبادة مشتملة على الشكر بالتفسيرين اللذين ذكرهما صاحب اللطف.