قال : فإنّ العبادة مشتملة على طمأنينة النفس الذي هو التفسير اللغوي ، وعلى الاعتراف بالنعمة الذي هو التفسير العرفي ، وزادت العبادة عليهما بعمل اللسان والأركان. والذي أرى أنّ التسليم من المصنّف عار عن الفائدة فإنّه هو [ الذي ] منع شمول التفسيرين المذكور [ ين ] أوّلا ، فإنّه متى لم يشملهما التفسيران كانا مشمولين لها.
قوله : بخلاف العبادة فإنّها قد تقبح.
قال المصنّف : أصل حسن العبادة قائم ، والقبح العارض هو الحيض والمخمصة في المثال المذكور ، فلا يزول الحسن به.
ثم استظهر المصنّف وقال : يجوز أن يكون الله سبحانه جعل الشكر وظائف إلى آخر ما ذكر ، فيكون ترك صلاة الحائض في الحال شكرا ، وكذا الكلام في أكل الميتة ونحوه. وعلى اختلاف المصالح تختلف الأحكام فيقع النسخ.
قال : ( ولا قبح في الإلزام بالشكر ، ولهذا يحسن ذمّ كافر النعمة. سلّمنا قبحه شاهدا ، لكن لعدم استتباع عوض ، وفي الغائب يستتبع الثواب الجزيل فلا قبح ؛ لأنّه تعالى أمر بشكر نعمه بقوله ( وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ) (١) و ( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ ) (٢) ).
أقول : هذا الإيراد الخامس من المصنّف على الوجه الثاني الذي أبطل به صاحب اللطف مذهب الشكر ، وذلك أنّه لمّا قال : يقبح في الشاهد الإلزام بشكر النعمة فكذا في الغائب منع المصنّف هذا القبح. قال : ولهذا يحسن ذمّ كافر النعمة.
وأورد بعضهم شعرا يدلّ بفحواه على ذلك ، وهو :
كلّ من عوّدته الخي |
|
ر فلم يعرف مكانه |
فاقطع العادة منه |
|
عاجلا واطلب هوانه |
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٥٢.
(٢) لقمان (٣١) : ١٤.