تعالى : ( وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (١) ، ولما جاء في الحديث القدسي : « أنا خير شريك ما خولطت في شيء إلاّ تركته لشريكي » (٢).
وأمّا الثاني : فلما ذكرناه ، ولقوله : ( وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٣). ومن السنّة « إنّما لكلّ امرئ ما نوى » (٤).
والمثل المذكور في الموضعين يشير به إلى المندوب والمكروه.
وقوله : لوجوبها أي لنفس الوجوب يوقعها من غير اعتبار ما وجبت له ، أو وجه وجوبها يوقعها للعلّة الغائيّة فيها ، وهي الوجه ، وسيأتي ذكره مفصّلا.
واعلم أنّ إتيان المصنّف هنا بـ « أو » تحتمل الترديد ؛ للشكّ فيه منه ، وتحتمل التخيير ؛ لأجل التلازم الذي ذكر ، فقصد أيّهما كان يلزمه الآخر. ووجه التلازم أنّ الوجه علّة في الوجوب ، فإن أوقعها للوجوب لزمته علّته التي هي الوجه ، وإن أوقعها للوجه لزمه معلوله الذي هو الوجوب ؛ لما عرف من التلازم بين المعلول وعلّته.
لكن يبقى الكلام في أيّهما يقصد بالقصد الأوّل ، لجواز الجهل بالتلازم الذهني المسبّب عن التلازم الخارجيّ ، أو الغفلة عنه حال الفعل ، فعلى هذا يتعيّن عليه قصد ما يستحضره منهما حال الغفلة عن التلازم المذكور ، ولكن الأشيع في الناس معرفة الوجه ، فقصده كاف على الأقوى. [ و ] في عجز الفصل الثالث من المصنّف ما يعضد ذلك.
ويمكن عدم الوجوب العيني على أحدهما ؛ لأنّه نوع حرج وعسر ، ولأنّ اللازم تابع ، فهو في نفس الأمر واقع.
ويحتمل الجمع بينهما على تقدير أن يكون « أو » بمعنى الواو العاطفة مثل ( وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ) (٥) ولا شكّ أنّه أكمل ، فيضمّ إلى الوجوب أحد الوجوه الأربعة
__________________
(١) الكهف (١٨) : ١١٠.
(٢) فقه الرضا : ٣٨١ ، باب التفكّر.
(٣) البيّنة (٩٨) : ٥.
(٤) صحيح البخاري ١ : ٣ / ١ ؛ صحيح مسلم ١ : ١٥١٥ ـ ١٥١٦ / ١٩٠٧ ؛ السنن الكبرى ٧ : ٣٤١.
(٥) الإنسان (٧٦) : ٢٤.