الإجماع إلى كل ما يوجب عدم الريب في صدور أحد الخبرين من القرائن ، لا التعدي إلى كل مزية من حيثية الصدور وإن لم توجب نفي الريب فيه ، فضلا عن التعدي لكل مزية ولو من غير جهة الصدور.
ومنها : تعليل ترجيح الخبر المخالف للعامة بأن الحق والرشد في خلافهم ، وأن ما وافقهم فيه التقية ، فإن هذه كلها قضايا غالبية لا دائمية ، فيدل بمقتضى التعليل على وجوب ترجيح كل ما كان معه أمارة الحق والرشد ، وترك ما فيه مظنة مخالفة الحق.
وفيه أولا : أنه لا مانع من الالتزام بأنها قضايا دائمية في خصوص المتعارضين التي تصل النوبة فيهما للترجيح بمخالفة العامة. ولو كانت غالبية فلعل الغلبة بمرتبة لا يعتد معها باحتمال الخلاف ، وذلك لا يقتضي التعدي لكل مزية توجب الأقربية للواقع وإن كانت ضعيفة.
وثانيا : أن ما تضمن التعليل بأن الحق في خلافهم هو المرفوعة ، التي سبق عدم نهوضها بالاستدلال. وأما المقبولة فقد تضمنت الحكم بأن ما خالف العامة ففيه الرشاد ، لا التعليل بذلك ، وظاهره أنه دائمي واقعي ، فإن ثبت خلافه تعين حمله على كونه دائميا ظاهريا ، لأنه الصالح لأن يترتب عليه العمل ، دون الغالبي الواقعي.
وأما ما تضمن أن ما وافقهم فيه التقية ، فلم أعثر عليه عاجلا. نعم ورد أن ما يشبه قول الناس فيه التقية (١). لكنه ليس من أخبار التعارض. على أنه ليس بلسان التعليل.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٢) قال قدسسره : «دل على أنه إذا دار أمر بين أمرين في أحدهما ريب ليس في الآخر ذلك الريب يجب الأخذ
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٦.
(٢) الوسائل ج : ١٨ باب : ١٢ من أبواب صفات القاضي حديث : ٥٦.