العامة ، حيث أدرك علي أن الأمر المذكور ثانوي ، لمخالفته لما عليه إجماع العصابة في كيفية الوضوء ، كما صرح به في الخبر (١). وكظهور تعمد الخلاف من قبل الإمام عليهالسلام في بيان حكم الواقعة ، كما تضمنه غير واحد من النصوص ، منها حديثا الكناني والحسين المتقدمان المفروض فيهما تعدد الجواب مع وحدة السائل ... إلى غير ذلك. وهو المناسب لما تضمنه الخبران المذكوران من ترجيح الراوي الأحدث بطبعه ، كما أشرنا إليه آنفا.
نعم ذلك لا يناسب إطلاق خبر المعلى الشامل لاختلاف الحديثين المحكيين عن الإمامين ، والظاهرين في أنفسهما في بيان الحكم الأولي ، الذي سبق أنه مقتضى الظهور النوعي. ولا سيما مع ظهور تحير السائل في الوظيفة ، مع أن الرجوع للأحدث بعد فرض ظهور الحديث في بيان الوظيفة الفعلية ـ وإن كانت ثانوية ـ أمرا ارتكازيا لا يحتاج إلى سؤال ، حيث يتعين كون منشأ سؤاله ظهور الحديثين في بيان الحكم الأولي الموجب للتعارض والتحير.
ولا مجال لحمله على الترجيح بين الخبرين الحجتين إثباتا بالأحدثية ، لعدم مناسبته لقوله عليهالسلام فيه : «إنا والله لا ندخلكم إلا في ما يسعكم».
بل يكون الخبر المذكور كاشفا عن حال اختلاف الأخبار ، وأنه ليس راجعا إلى تعارض الحجتين إثباتا في الحكم الواحد ، كما هو مقتضى ظهورها البدوي ، بل إلى تعدد الحكم ثبوتا بلحاظ العناوين الثانوية القابلة للتبدل ، والذي يلزم معه الأخذ بالأحدث ، والجري عليه حتى يصدر خلافه من إمام الوقت الذي هو محيط بحكمه ، وعليه التنبيه له.
وبعبارة أخرى : الخبر المذكور رادع عن مقتضى الظهور الأولي للنصوص ، وكاشف عن أن اختلافها ليس راجعا إلى اختلافها إثباتا في بيان
__________________
(١) الوسائل ج : ١ باب : ٣٢ من أبواب الوضوء حديث : ٣.