ومجرد كون الروايتين هما مدرك الحكمين لا يقتضي ابتناء الترجيح بين الحكمين بالصفات المذكورة على الترجيح بين الروايتين بها ، لإمكان ابتنائه على أن اجتهاد واجد الصفات أقرب إصابة للوظيفة الشرعية من فاقدها. ولا سيما مع عدم ملازمة واجدية أحد الحاكمين للصفات لواجدية روايته التي اعتمد عليها لها.
وأما المرفوعة فهي ضعيفة جدا ، حيث لم يذكرها إلا ابن أبي جمهور الأحسائي في كتاب عوالي اللآلي عن العلامة مرفوعة إلى زرارة. وقيل : إنه لم يعثر عليها في كتب العلامة. قال في الحدائق : «لم نقف عليها في غير كتاب عوالي اللآلي ، مع ما هي عليه من الرفع والإرسال ، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار ، والإهمال ، وخلط غثها بسمينها وصحيحها بسقيمها ، كما لا يخفى على من وقف على الكتاب المذكور». ومن ثم لا مجال للتعويل على ذلك في الترجيح.
الثاني : شهرة الرواية. والدليل على الترجيح بها المقبولة ، مؤيدة بالمرفوعة ومرسلتي الكليني والمفيد.
وقد ذكر بعض مشايخنا قدسسره أن الإرجاع إليها لتمييز الحجة عن اللاحجة ، لا للترجيح بين الحجتين ، الذي هو محل الكلام ، بدعوى : أن شهرة الرواية توجب العلم بصدورها ، فيكون المعارض لها مخالفا للسنة القطعية ، فيخرج عن موضوع الحجية ، لأن المراد بالسنة التي يسقط المخالف لها عن الحجية مطلق سنة المعصوم ، لا خصوص سنة النبي صلىاللهعليهوآله.
وفيه : أولا : أن حمل السنة التي يخرج المخالف لها عن موضوع الحجية على مطلق سنة المعصوم لا يخلو عن إشكال ، بعد اختصاص النص المتضمن لذلك بسنة النبي صلىاللهعليهوآله. كما يظهر بمراجعة ما سبق في نصوص المنع من حجية