الاستصحاب ـ كسائر التعبدات الشرعية في موارد الحجج والأصول ـ إنما يصح مع ترتب العمل عليه ، إذ مع عدم ترتب العمل يكون التعبد بمؤداه لاغيا عرفا وعقلا. مضافا إلى ظهور عدم النقض في ذلك ، إذ بعد تعذر حمله على معناه الحقيقي يتعين حمله على عدم النقض عملا.
ولا فرق في ترتب العمل بين ترتبه على المستصحب بلا واسطة ـ كما في استصحاب الحكم التكليفي ـ وترتبه عليه بواسطة ، كما في استصحاب الحكم الوضعي والموضوع الخارجي اللذين يترتب عليهما العمل بواسطة أثرهما وهو الحكم الشرعي. لإطلاق النهي عن نقض اليقين بالشك بعد حمله على النقض العملي. ولخصوص صحاح زرارة وعبد الله بن سنان المتضمنة جريان الاستصحاب في الطهارة الحدثية والخبثية ، اللذين لا يترتب عليهما العمل إلا بواسطة الحكم التكليفي المترتب عليهما.
هذا والمراد بالواسطة ما يكون وجوده لازما لوجود التعبد به.
والملازمة .. تارة : تكون اتفاقية ، كما لو علم إجمالا بوجود أحد أمرين ، فإن عدم أحدهما مستلزم لوجود الآخر.
وأخرى : تكون حقيقة ناشئة عن علاقة بين الأمرين.
وذلك إما لكون الأمر المتعبد به سببا للازم ، كالسفر المستلزم لوجوب الإفطار ، والنار المستلزمة لتلف المال ، أو مسببا عنه ، كحرمة وطء الزوجة البالغة المستلزم لحيضها ، وعدم حيض الجارية المستلزم لعقمها. وإما لكونهما مسببين عن سبب واحد أو سببين متلازمين ، كوجوب الصلاة على المرأة وجواز وطئها المسببين عن بلوغها تسع سنين ، واحتراق الجسم ووجود الدخان المسببين عن النار. ومنشأ الملازمة إما شرعي أو غير شرعي ، كما يظهر من الأمثلة المتقدمة.