العلة مقامه. مدفوعة بأن المحذور ليس في تكرار ذكره صريحا ، بل في تكرار بيانه ، وحذفه وإقامة العلة مقامه لا ينفك عن قصده بالبيان.
وقد أجاب عن ذلك شيخنا الأستاذ قدسسره بأن تكرار الحكم بعدم إعادة الوضوء ليس مقصودا بالبيان بنفسه ، ليكون منشأ للحزازة في البيان ، بل للتمهيد لبيان علته والاستدلال عليه ، وهو كاف في رفع اللغوية والحزازة.
وما ذكره وإن كان كافيا في الجواب عن الإشكال ، إلا أن الظاهر أن دعوى حذف الحكم لا يخلو عن تسامح للمحافظة على القواعد النحوية من كون الجزاء جملة واحدة ، وإلا فالتأمل قاض بكون الجزاء كلتا الجملتين ، وقد سيقتا للتنبيه لعلة الحكم لسدّ حاجة المخاطب للقناعة بالحكم ، أو لمعرفة الضابط العام في أمثاله ، فكأنه قيل : وإن لم يجئ من ذلك أمر بين فليلتفت إلى أنه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك. فالجزاء هو علة الحكم بنفسها ، وما هو المقصود من ذكرها استيضاح الحكم ورفع الاستيحاش منه ، لا الحكم بنفسه ، ليلزم التكرار.
على أن علوّ متن الصحيحة ، وقوة ظهوره في سوق القضيتين مساق التعليل للحكم والاستدلال عليه ، ملزمان بالبناء على هذا الوجه وعدم التعويل على مثل الإشكال المذكور في الخروج عنه ، بل هو كالشبهة في مقابل البديهة ، حيث يكشف ذلك إجمالا إما عن عدم لزوم التكرار ، أو عدم لزوم الحزازة منه ، ولا سيما مع ما سبق من وهن الوجهين الآخرين جدا ، وعدم مناسبتهما للتركيب المذكور.
وحينئذ يلزم النظر في مفاد الصحيحة بناء على هذا الوجه ، فنقول : صلوح الجملتين لتعليل الحكم والاستدلال عليه إنما هو بلحاظ كونهما قياسا من الشكل الأول منتجا للمطلوب ، ومقتضى عموم كبرى القياس المذكور ،