اللهم إلا أن يقال : الاختلاف في المكلف به بين حالي الذكر والنسيان وإن كان ممكنا في الجملة ، إلا أنه مناف للتخطئة وللإجماع المدعى على اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل والملتفت والغافل ، والذي لا يفرق فيه بين الجهل والنسيان المتعلقين بالحكم ـ كالجزئية والشرطية ـ والمتعلقين بالموضوع ، بل الظاهر أن عدم ارتفاعه مع الجهل بالموضوع ونسيانه اتفاقي حتى من المصوبة.
وكأن ما ذكره غير واحد ممن تأخر عن شيخنا الأعظم قدسسره من إمكان اختلاف التكليف بين الذاكر والناسي مبني على كون النسيان من الجهات الثبوتية الرافعة للتكليف الواقعي ، كالاضطرار ، لا من الجهات الإثباتية كالجهل ، وقد سبق ضعف ذلك.
وحينئذ لا بد من البناء على عموم الجزئية والشرطية لحال النسيان مطلقا حتى لو لم يكن لدليلهما إطلاق ، سواء كان لدليل بقية الأجزاء والشرائط إطلاق أم لم يكن.
ولا ينافي ذلك ما تضمن الاجتزاء بالناقص ، كما في موارد حديث : «لا تعاد ...» (١) وغيره. لأنه أعم من تبدل التكليف ، بحيث يكون المأتي به تمام الواجب ويكون امتثالا تاما ، بل قد يكون مسقطا للتكليف ، لكونه موجبا لتعذر استيفاء الملاك ، أو لتبدله أو نحو ذلك. ولذا كان ذلك ممكنا في النقيصة العمدية التي لا إشكال في عدم تبدل التكليف معها وعدم كون الناقص امتثالا تاما.
وعلى ذلك يتعين البناء على أن مقتضى الأصل عدم الاجتزاء بالناقص مطلقا حتى لو لم يكن لدليل الجزء أو الشرط إطلاق يشمل حال النسيان ، ويحتاج الاجتزاء بالناقص للدليل المخرج عن الأصل المذكور.
__________________
(١) الوسائل ج : ٤ باب : ١ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ٤.