وفيه : أن الاضطرار وأخواته إنما تتعلق بالموضوع بذاته ، لا بعنوانه ، أما العلم فهو يتعلق بالموضوع بعنوانه بمفاد كان الناقصة ، فيعلم مثلا بأن الشيء خمر أو مضر أو حرام ، والعنوان المناسب للرفع في المقام هو العنوان المنتزع من التكليف ، لأنه المنشأ للضيق والتبعة ، وبقية العناوين ـ كالخمرية والنجاسة ـ لا تكون منشأ لهما إلا بلحاظ استتباعها له ، ولا سيما مع عدم الجامع العرفي لها إلا بملاحظته ، فيكون ملاحظة عنوان التكليف أظهر وأشمل.
فيراد حينئذ ما لا يعلمون تعلق التكليف به إيجابا أو تحريما ، أو ما لا يعلمون حرمته فعلا أو تركا ، ومثل ذلك كما يصدق على الموضوع الجزئي في الشبهة الموضوعية يصدق على الموضوع الكلي ، كالتتن ولحم الأرنب. بل يصدق على الموضوع الجزئي مع اختلاف منشأ الشك من حيثية الشبهة الموضوعية والحكمية معا.
بل حيث اختلف الأمور المذكورة في كيفية التعلق بالموضوع فلا مجال لملاحظة قرينة السياق ، بل الأقرب حمل الموصول في «ما لا يعلمون» على العنوان ابتداء ، لصحة إسناد العلم والجهل إليه عرفا ، وإن كان تعلقهما حقيقة بمفاد كان الناقصة ، وحينئذ يتعين لحاظ العنوان المنتزع من التكليف ، لأنه المناسب للرفع ، كما تقدم. ومرجعه إلى حمل الموصول على الحكم. ونظير «ما لا يعلمون» في جميع ما ذكرنا الخطأ والنسيان.
وهناك بعض الوجوه الأخرى لا مجال لإطالة الكلام فيها مع ضعفها في نفسها ووضوح اندفاعها بملاحظة ما سبق في تقريب الاستدلال بالحديث. ومن ثم لا ينبغي التأمل في تمامية دلالة الحديث الشريف على المطلوب.
هذا وقد تصدى غير واحد للكلام في بعض الجهات المتعلقة بالحديث الخارجة عن محل الكلام استطرادا. ولا بأس بمتابعتهم في ذلك تتميما للفائدة.