وأخرى : مخالفة للطريق نفسه ، مع كون الواقع كافيا في العمل لو وصل بطريق آخر.
وبذلك يظهر أن لزوم متابعة القطع إنما هو بمعنى لا بديتها تكوينا في ظرف كون الواقع موردا للعمل عند القاطع ، لا بمعنى وجوبها شرعا أو عقلا ، كما في الطرق ، وأن التخلف عنه إنما هو لعدم كون الواقع موردا للعمل عنده ولو لمزاحمته بجهات أخرى شهوية أو غضبية أو غيرهما.
كما ظهر أن إطلاق الطريق على القطع ـ كما في بعض كلماتهم ـ لا يخلو عن تسامح أو إشكال ، لأن الطريق هو الأمر الموصل للواقع ، والقطع بنفسه وصول له. نعم قد يكون سبب القطع طريقا للواقع كالخبر المتواتر.
كما لا مجال لإطلاق الحجة على القطع ، لأن الحجة هي الأمر الذي يعتمد عليه في مقام العمل لإثبات متعلقه والبناء عليه ، والقطع عبارة عن ثبوت الواقع ووصوله ، لا أنه مثبت للواقع وموصل له ، بل لا يكون ملحوظا في مقام العمل ولا ملتفتا إليه ، كما سبق. إلا أن يراد بالحجة ما يناسب المنجزية والمعذرية ، التي يأتي الكلام فيها في المقام الثاني إن شاء الله تعالى.
بقي في المقام أمور ..
الأول : استدل غير واحد تبعا لشيخنا الأعظم قدسسره على لزوم متابعة القطع وامتناع ردع الشارع عنه بأن الردع مستلزم للتناقض في الواقع أو في نظر القاطع ، لأن المكلف إذا قطع بحرمة شيء فنهي الشارع له عن العمل بقطعه وترخيصه في ارتكابه موجب للتناقض ولو في نظره بين الواقع المقطوع به والترخيص الشرعي المذكور.
وفيه : أولا : أن بطلان التناقض لم يبلغ إلا مرتبة القطع ، فالاستدلال به موقوف على امتناع الردع عن حجية القطع ـ وإلا أمكن الردع عن القطع الحاصل