(أيحسب أحدكم متّكئا على أريكته قد يظنّ أنّ الله لم يحرّم شيئا إلّا ما في هذا القرآن ، ألا وإنّي قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنّها لمثل القرآن أو أكثر) (١).
إنّها لمثل القرآن ؛ لأنّه تلقّاها عن طريق الوحي من الله وأكثر من القرآن في شرح أحكام الإسلام وشأن نزول القرآن وذم اناس والثناء على آخرين ، كما مرّ بنا في ما سبق.
ومن أخبار القرّاء في عصر الخليفة أبي بكر أنّه بعد وفاة رسول الله (ص) بما يقارب سنة بعث خالد بن الوليد لقتال مسيلمة ومعه ثلاثة عشر ألف مقاتل فلمّا التقوا انكشف الجيش الإسلامي لكثرة ما فيه من الأعراب ، وكان في الجيش ثلاثة آلاف من قرّاء القرآن فنادوا : يا خالد خلصنا ـ يقولون ميزنا ـ من هؤلاء الأعراب ، فميّزوا وصدقوا الحملة وقاتلوا قتالا شديدا ، وجعلوا يتنادون يا أصحاب سورة البقرة فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله.
وفي تاريخ خليفة بن خياط : كان جميع القتلى من المسلمين أربعمائة وخمسين رجلا أو خمسمائة رجل ، وكان ممن قتل من المهاجرين والأنصار مائة وأربعون رجلا فيهم خمسون أو ثلاثون من حملة القرآن (٢).
* * *
كانت تلكم أخبار القرّاء والقرآن على عهد الخليفة الأوّل ، ولم يطل به الزمن وتوفّي لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة
__________________
(١) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ، ١ / ١٤٩.
(٢) تاريخ خليفة بن خياط (ت : ٢٣٠ أو ٢٤٠ ه) ط. النجف سنة ١٣٨٦ ، ص ٧٧ ـ ٨٣ ، وذكر أسماء من استشهد وقبائلهم فردا فردا.