نناقش هذا القول في ما يأتي إن شاء الله ، ونقتصر هنا على إيراد ما نقله كلّ من ابن عساكر وابن كثير في تاريخيهما :
بسندهما عن بسر بن سعيد أنّه قال : اتّقوا الله وتحفظوا من الحديث ، فو الله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدّث عن رسول الله (ص) ، ويحدّثنا عن كعب الأحبار ثمّ يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله (ص) عن كعب ، وحديث كعب عن رسول الله (ص) ، وفي رواية يجعل ما قاله كعب عن رسول الله (ص) ، وما قاله رسول الله (ص) عن كعب ، فاتّقوا الله وتحفّظوا في الحديث.
وقال يزيد بن هارون : سمعت شعبة يقول : أبو هريرة كان يدلس ـ أي يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله (ص) ولا يميز هذا من هذا ـ ذكره ابن عساكر.
وكان شعبة يشير بهذا إلى حديثه «من أصبح جنبا فلا صيام له» فإنّه لما حوقق عليه قال : أخبرنيه مخبر ولم أسمعه من رسول الله (ص). وقال شريك عن مغيرة عن إبراهيم ، قال : كان أصحابنا يدعون من حديث أبي هريرة ، وروى الأعمش عن إبراهيم. قال : ما كانوا يأخذون بكل حديث أبي هريرة ، وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم قال : كانوا يرون في أحاديث أبي هريرة شيئا ، وما كانوا يأخذون بكل حديث أبي هريرة ، إلّا ما كان من حديث صفة جنّة أو نار ، أو حث على عمل صالح ، أو نهي عن شرّ جاء القرآن به (١).
__________________
(١) تاريخ ابن كثير ، ط. بيروت سنة ١٤٠١ ه (٨ / ١١٧ ـ ١١٨) ؛ وترجمة الصحابي أبي هريرة في تاريخ ابن عساكر ، مصوّرة مخطوطة المكتبة الظاهرية بدمشق ١٩ / ١٢٢ / أ ـ ب ؛ وتفسير النّسائي بتفسير آية (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من سورة البقرة ١ / ٢٠٤.