وكذلك لم يبق ما دوّن غيره من العلم ، حتى ولي أبو جعفر المنصور وحرض العلماء على التدوين ، قال الذهبي في ذكر حوادث سنة ١٤٣ :
وفي هذا العصر شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير فصنّف ابن جريج التصانيف بمكّة ؛ وصنّف سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة ؛ وصنّف الأوزاعي بالشام ؛ وصنّف مالك الموطأ بالمدينة ؛ وصنّف ابن إسحاق المغازي ؛ وصنّف معمر باليمن ؛ وصنّف أبو حنيفة وغيره الفقه والرأي بالكوفة ؛ وصنّف سفيان الثوري كتاب الجامع ؛ ثمّ بعد يسير صنف هشيم كتبه ؛ وصنّف اللّيث بمصر وابن لهيعة ثمّ ابن المبارك وأبو يوسف وابن وهب. وكثر تدوين العلم وتبويبه ، ودوّنت كتب العربية واللّغة والتاريخ وأيام الناس. وقبل هذا العصر كان سائر الأئمة يتكلّمون عن حفظهم أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة. فسهل ولله الحمد تناول العلم وأخذ الحفظ يتناقص ، فلله الأمر كلّه (١).
ونقل الخبر عنه السيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص ٢٦١.
وجاء في موسوعة الفقه الإسلامي :
ولمّا حجّ المنصور سنة ١٤٣ رغب إلى مالك في تأليف (الموطأ) كما رغّب هو وولاته العلماء في التدوين.
وقد دوّن ابن جريج ، وابن عروبة ، وابن عيينة وغيرهم ، ودوّن سائر فقهاء الأمصار وأصحابهم (٢).
قال المؤلّف :
__________________
(١) راجع تاريخ الإسلام للذهبي ٦ / ٦.
(٢) موسوعة الفقه الإسلامي (جمال عبد الناصر) ، إصدار المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في القاهرة ١ / ٤٧.