الموالي مرّة ، وتقدّم إلى مجلس أمير المؤمنين ، ووبّخه وعنّفه. ولمّا كان معاوية يفضّل في العطاء الرؤساء وأهل الشّرف من قبائل العرب على غيرهم ، مال الرؤساء إليه وهاجروا إليه ، فمشى إلى الإمام أصحابه وقالوا له : يا أمير المؤمنين! فضّل في العطاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم!
فقال : أتأمرونّي أن أطلب النّصر بالجور؟! والله لا أفعل.
هكذا استطاع الإمام أن يهدّم ذلك النظام الطبقي الّذي شيّده الخلفاء قبله واستمرّ زهاء ربع قرن ، وأن يعيد إلى المجتمع العدل الإسلامي الإنساني الّذي جاء به الرسول (ص) ، وكان ذلكم من خصائص المجتمع الإسلامي في ظل حكم الإمام.
ولمّا كانت قريش على رأس هرم ذلك النظام الطّبقي ، حيث كانت قد حصلت على امتيازات في المجتمع الإسلامي وترى أنّ لها ميزة على سائر البشر كما يرى بنو إسرائيل أنّ لهم ميزة على سائر البشر وساواهم الإمام بغيرهم من المسلمين الموالي وغير الموالي ، قادت قريش الناس إلى قتاله في الجمل وصفين وفي الغارات على بلاده.
ومن ثمّ كان الإمام يشكو قريشا ويذكرهم بذلك ويقول : اللهمّ إنّي أستعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنّهم قطعوا رحمي ، وأكفئوا إنائي وأجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (ص).