إنّ الناس ورائي قد كلّموني في أمرك ، وو الله ما أدري ما أقول لك ، ما عرّفك شيئا تجهله ، ولا أدلّك على أمر لا تعرفه ، وإنّك لتعلم ما نعلم ، وما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ، ولقد صحبت رسول الله (ص) وسمعت ورأيت مثل ما سمعنا ورأينا ، وما ابن أبي قحافة وابن الخطّاب بأولى بالحقّ منك ؛ ولأنت أقرب إلى رسول الله (ص) رحما ، ولقد نلت من صهره ما لم ينالا ، فالله الله في نفسك ؛ فإنّك لا تبصّر من عمى ؛ ولا تعلّم من جهل.
فقال له عثمان : والله لو كنت مكاني ما عنّفتك ، ولا أسلمتك ، ولا عتبت عليك إن وصلت رحما وسددت خلّة وآويت ضائعا ، وولّيت من كان عمر يولّيه ؛ نشدتك الله : ألم يولّ عمر المغيرة بن شعبة وليس هناك ...
قال : نعم.
قال : فلم تلومني إن ولّيت ابن عامر في رحمه وقر.
قال عليّ : سأخبرك. إنّ عمر بن الخطاب كان كلّما ولّى فإنّما يطأ على صماخه ، إن بلغه حرف جلبه ، ثمّ بلغ به أقصى الغاية ، وأنت لا تفعل. ضعفت ورفقت على أقربائك.
قال عثمان : هم أقرباؤك أيضا.
فقال عليّ : لعمري إنّ رحمه منّي لقريبة ولكنّ الفضل في غيرهم.
قال : أولم يولّ عمر معاوية؟
فقال عليّ : إنّ معاوية كان أشدّ خوفا وطاعة لعمر من يرفأ ، وهو الآن يبتزّ الأمور دونك ويقطعها بغير علمك ويقول للناس : هذا أمر عثمان ، ويبلغك فلا تغيّر ، ثمّ خرج ، وخرج عثمان بعده ، فصعد المنبر فقال :
أمّا بعد ، فإنّ لكلّ شيء آفة ، ولكلّ أمر عاهة ، وإنّ آفة هذه الامّة وعاهة هذه النعمة ، عيّابون طعّانون يرونكم ما تحبّون ، ويسرّون لكم ما تكرهون ، مثل النعام يتّبعون أوّل ناعق ... الحديث.