قال : طلب أبو الدرداء أن يعدّوا من يقرأ عنده القرآن ، فعدّوهم ألفا وستمائة ونيفا ، وكان لكل منهم مقرئ.
وكان أبو الدرداء قائما عليهم ، وكان إذا حكم الرجل منهم تحوّل إلى أبي الدرداء (١).
حصيلة الأخبار :
نجحت سياسة الخليفة في توجيه المسلمين إلى الاقتصار على ترديد النص القرآني دون معرفة شأن نزوله في جميع الموارد ، واتّبعه المسلمون في الرجوع عمّا تعوّدوه في عصر الرسول (ص) من تعلّم جميع ما في الآيات من علم وعمل إلى قراءة النص القرآني وحده (٢).
ونشأ على أثر تلكم السياسة جيل من القرّاء فضّلتهم الخلافة على سائر المسلمين بمنحهم شرف العطاء ، وكان كل ما لدى هؤلاء القرّاء ، حفظ النص القرآني عن ظهر قلب وتكراره صباح مساء دون التفقه في الدين ، ونشأ بذلك في كل بلد اسلامي طبقة متميّزة من سائر المسلمين يتمتعون باحترام خاصّ. وكان لهذه السياسة أثر بعيد كما بينا ذلك في بحث القرّاء ، وأثر قريب سوف ندرسه في بحث تاريخ القرآن في عصر عليّ ـ إن شاء الله تعالى ـ.
* * *
كانت تلكم سياسة الخليفة عمر في عمله بسياسة الخليفة أبي بكر وتجريده القرآن والإقراء من حديث الرسول ، وفي ما يأتي ندرس بإذنه تعالى خصائص المجتمع الإسلامي وأخبار القرآن على عهد الخليفة عثمان.
__________________
(١) معرفة القراء الكبار للذهبي ، ص ٣٨ ـ ٣٩.
(٢) راجع قبله نظام تعلم القرآن في عصر الرسول في المدينة.