الرسول (ص) معللين نهيهم إياه بأنّ الرسول (ص) بشر يتكلّم في الرّضا والغضب يدلّ إضافة إلى الدلالة على تعصّبهم القبلي ، أنّ عبد الله كان قد كتب من حديث الرسول (ص) ما فيه إيضاح لمواقف بعض قريش من الرسول (ص) والرسالة ومواقف آخرين في تأييد الرسول والرسالة ، وكان ذلك وصمة على قبيلة قريش في مقابل إثبات فضائل الآخرين ، وأنّهم لدفع ذلك اجترءوا على الرسول (ص) ، وقالوا : إنّه بشر يتكلّم في الرّضا والغضب ، ليمنعوا عبد الله عن كتابة حديث الرسول (ص) أوّلا ، ويسقطوا ما ينتشر من حديث الرسول في هذا الباب عن الاعتبار ثانيا ، وإنّ جميع الأطراف الّذين ذكرناهم اتّخذوا تلك المواقف بسبب التعصّب القبلي.
وفي ضوء ما ذكرناه ندرس ما وقع بعد حياة الرسول (ص) في السقيفة :
توفّي الرسول (ص) ، وانصرف عليّ والعباس ومن معهما بتجهيزه ودفنه ، فاجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وتركوا جنازة الرسول (ص) بين أهله ، وخطب فيهم سعد بن عبادة الخزرجي وهو مريض ، وقال : استبدّوا بهذا الأمر دون الناس ، فأجابوه بأجمعهم أن وفّقت في الرأي وأصبت في القول ، نولّيك هذا الأمر!!
من الواضح أنّ الأنصار لم يستندوا في ما فعلوا إلى كتاب الله ولا سنّة رسوله بل كان باعثهم إلى ذلك التعصّب القبلي الجاهلي ، وصدق الله حيث يقول :
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ). (آل عمران / ١٤٤)
وكذلك كان شأن المهاجرين من قريش ، كما يتّضح ذلك ـ أيضا ـ من أقوالهم.