فقام عمر ، فتكلّم قبل أبي بكر ، فحمد الله وأثنى عليه ... ، وذكر أنّ قوله بالأمس لم يكن من كتاب الله ولا عهدا من رسوله ، ولكنّه كان يرى أن الرسول سيدبّر أمرهم ويكون آخرهم. ثمّ قال :
وإنّ الله قد أبقى فيكم كتابه الّذي به هدى رسوله.
فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له.
وإنّ الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله (ص) ثاني اثنين إذ هما في الغار ؛ فقوموا فبايعوه.
فبايع الناس أبا بكر بيعته العامّة بعد بيعة السّقيفة.
وفي البخاري : (وكان طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة ، وكانت بيعة أبي بكر العامّة على المنبر). قال أنس بن مالك : (سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ : اصعد المنبر. فلم يزل به حتّى صعد المنبر فبايعه الناس عامّة).
ثمّ تكلّم أبو بكر ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
(أمّا بعد ، أيّها الناس! فإنّي قد ولّيت عليكم ، ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ـ إلى قوله ـ : أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله ، فلا طاعة لي عليكم. قوموا إلى صلاتكم ، يرحمكم الله) (١).
__________________
(١) ابن هشام ٤ / ٣٤٠. والطبري ٣ / ٢٠٣ (وط. أوربا ١ / ١٨٢٩). وعيون الأخبار لابن قتيبة ٢ / ٢٣٤. والرياض النضرة ١ / ١٦٧. وابن كثير ٥ / ٢٤٨. والسيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص ٤٧. وكنز العمال ٣ / ١٢٩ ، ح ٢٢٥٣. والحلبية ٣ / ٣٩٧. وذكر البخاري في صحيحه ٤ / ١٦٥ ، كتاب الأحكام ، باب الاستخلاف عن أنس ، خطبة عمر باختلاف يسير. وممّن ذكر خطبة أبي بكر فقط ، أبو بكر الجوهري في كتابه : السقيفة ، حسب رواية ابن أبي الحديد عنه ١ / ١٣٤. وصفوة الصفوة ١ / ٩٨.