وقال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). (الشورى / ١١)
وبناء على ذلك فإنّ قولنا : (لا إله إلّا الله) يعني : أن لا خالق ولا رازق ولا ضارّ ولا نافع ولا مؤثر في الوجود إلّا الله.
وهذا لا يعني ما يقوله أتباع بعض المذاهب ، فإنّا نؤمن بأنّ الله لو شاء أن يجعل شيئا غيره ضارّا أو نافعا له ، فعل ، وإن اقتضت حكمته أن يمنح غيره قدرة الخلق بإذنه ، فعل ، كما أخبر عن ذلك في ما حكاه من قول عيسى بن مريم (ع) لبني إسرائيل :
(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). (آل عمران / ٤٩)
وبناء على ما شرحناه فإنّ الله أحد في الألوهية ، وليس واحدا من الآلهة ، وليس كبير الآلهة ، ولم يلد الآلهة ملائكة وغير ملائكة ، وليست الملائكة بناته ، بل هو إله أحد ، خلق الخلق أجمعين ولم يلدهم ، كما ولدت الأرض الشّجر ، والشّجر الثمر ، ولم يولد من شيء كما ولدت الأحياء من الماء ، والماء من الأوكسجين والهيدروجين ، ولا يتغيّر من حال إلى حال ، كما يتغيّر المخلوق بعد الولادة مولود ووالدا.
إذا فإنّ الله هو الأحد ، والأحد هو الصمد ، والصمد هو الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
وهكذا نرى الآيات بعد الصمد في سورة : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) تفسّر (الصمد) ، و (الصمد) وما بعده تفسّر (الأحد) ، و (الأحد) وما بعده من صفات الله (١).
__________________
(١) تفسير السورة في البرهان في تفسير القرآن ٤ / ٥٢٥.