ونحو ذلك ممّا تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتّفق فيه المعاني ، وإن اختلفت بالبيان به الألسن (١).
هكذا ردّ الطبري النوعين من التوجيه والتأويل ، ثمّ حاول أن يجمع بين روايات السبعة أحرف والسبعة أوجه من الحلال والحرام وغيرهما ، وقال ما موجزه :
إنّ الرسول (ص) أخبر عمّا خصّ الله رسوله وامّته من الفضيلة والكرامة الّتي لم يؤت بها أحد من قبل ، وذلك أنّه أنزل الكتب السابقة بلسان واحد ووجه واحد ، وأنزل القرآن على سبعة أحرف وسبعة أوجه ، ثمّ فسّر السبعة أحرف بأنّ الله أنزل الكتب السابقة بلسان واحد ، متى حوّل عنه إلى لسان آخر كان ذلك اللسان ترجمة له وتفسيرا ، وليس تلاوة له على ما أنزله الله.
وأنزل كتابا بألسن سبعة بأيّها تلي كانت التلاوة على ما أنزله الله ، وليست ترجمة وتفسيرا للقرآن حتّى يحوّل عن تلك الألسن السبعة إلى لسان آخر وحرف آخر فيكون عندئذ ترجمة للقرآن وتفسيرا ، وليس تأويلا للقرآن.
وفسّر الأوجه السبعة بأنّ كلّا من الكتب السابقة نزل من باب واحد ، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام ، كزبور داود والّذي هو تذكير ومواعظ. وإنجيل عيسى الّذي هو تمجيد ، وحضّ على الصّفح والإكرام دون غيرها من الأحكام والشرائع وما أشبه ذلك ... فكان المتعبّدون بتلك الكتب ينالون الجنّة من وجه واحد وباب واحد من أبواب الجنّة الّذي نزل في كتابهم. وخصّ الله نبيّنا وامّته بإنزال القرآن على سبعة أوجه من الوجوه الّتي يدخل العامل بكلّ وجه من أوجهه السبعة في باب من أبواب الجنّة الّذي نزل منه القرآن ، فيدخل العامل بما أمر الله به من باب ، والتارك لمّا نهى عنه من باب ثان ،
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ١٨ ـ ٢٠.