إن قلت : هو مناف لنحو قوله تعالى : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) ولخبر" من عمل سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" (١).
قلت : لا منافاة إذ الوزر في الآية الأولى ، محمول على من لم يتسبّب في الفعل بوجه ، وفيما عداها على من تسبّب فيه بوجه كالأمر به ، والدلالة عليه ، فعليه وزر مباشرته له ، ووزر تسبّبه فيه.
٥٣ ـ قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) [الأنعام : ١٦٥] الآية.
قال ذلك هنا ، وقال في" يونس" و" فاطر" : (خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) لأن ما ههنا تكرّر قبله ذكر المخاطبين مرات ، فعرّفهم بالإضافة ، وما في السورتين جاء على الأصل ، كما في قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة : ٣٠] وقوله : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [الحديد : ٧].
٥٤ ـ قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام : ١٦٥].
وقال في الأعراف : (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) باللّام في الجملتين ، لأنّ ما هنا وقع بعد قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) وقوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) فأتى باللّام المؤكدة في الجملة الثانية فقط ، ترجيحا للغفران على سرعة العقاب.
وما هناك وقع بعد قوله : (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ) وقوله : (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) فأتى باللّام في الجملة الأولى ، لمناسبة ما قبلها ، وفي الثانية تبعا للّام في الأولى.
فإن قلت : كيف قال : (سَرِيعُ الْعِقابِ) مع أنه حليم ، والحليم لا يعجّل بالعقوبة على من عصاه؟!
قلت : معنى" سريع" شديد ، أو المعنى : سريع العقاب إذا جاء وقته.
" انتهت سورة الأنعام"
__________________
(١) رواه مسلم فى قصه طويلة.