سورة التّوبة
١ ـ قوله تعالى : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ١].
إن قلت : لم ترك البسملة فيها دون غيرها؟
قلت : لاختلاف الصحابة في أنّ براءة والأنفال سورتان ، أو سورة واحدة ، نظرا لأن كلّا منهما نزل في القتال ، فترك بينهما فرجة ، عملا بالأول ، وتركت البسملة عملا بالثاني.
أو لأنّ البسملة أمان ، وبراءة فيها قتل المشركين ومحاربتهم ، فلا مناسبة بينهما.
أو لأنّ الأنفال ، لمّا تضمّنت طلب موالاة المؤمنين ، بعضهم بعضا ، وأن ينقطعوا عن الكفّار بالكلّية ، وكان قوله تعالى : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تقريرا وتأكيدا ، لذلك تركت البسملة بينهما.
٢ ـ قوله تعالى : (فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [التوبة : ٣] كرّره لأنّ الأول للمكان ، والثاني للزمان المذكور قبل ، في قوله تعالى : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.)
٣ ـ قوله تعالى : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) [التوبة : ١١].
كرّره لاختلاف جزاء الشرط ، إذ جزاء الشرط في الأول تخلية سبيلهم في الدنيا ، وفي الثاني أخوّتهم لنا في الدّين ، وهي ليست عين تخليتهم ، بل سببها.
٤ ـ قوله تعالى : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) [التوبة : ٨]. (إِلًّا) أي قرابة (وَلا ذِمَّةً) أي عهدا.
كرّر ذلك بإبدال الضمير ب (مُؤْمِنٍ) في قوله تعالى (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) لأن الأول وقع جوابا لقوله (وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) أي الكفار. والثاني وقع إخبارا عن تقبيح حالهم.
٥ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) [التوبة : ١٢]. خصّ فيه (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) بالذّكر ، وهم رؤساء الكفر وقادتهم ، لأنهم الأصل في النكث ، والطّعن في الدّين.