٤٩ ـ قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) [الأنعام : ١٥١] الآية.
قال ذلك هنا ، وقال في الإسراء : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء : ٣١].
قدّم هنا المخاطبين على الغائبين ، وعكس ثمّ ، لأن ظاهر قوله هنا : (مِنْ إِمْلاقٍ) أي : فقر ، أن الإملاق حاصل للوالدين المخاطبين ، لا توقّعه فبدئ بهم ، وظاهر قوله ثمّ : (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) أن الإملاق متوقّع بهم وهم موسرون ، فبدئ بالأولاد ، فما هنا يفيد النهي للآباء عن قتل الأولاد وإن تلبّسوا بالفقر ، وما هناك يفيده وإن تلبّسوا باليسر.
٥٠ ـ قوله تعالى : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) [الأنعام : ١٥٢] الآية.
إن قلت : لم خصّ العدل بالقول ، مع أن الفعل إلى العدل أحوج ، فإن الضّرر الناشئ من الجور الفعلي ، أقوى من الضّرر الناشئ من الجور القوليّ؟
قلت : إنما خصّه بالقول ، ليعلم وجوب العدل في الفعل بالأولى ، كما في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) [الإسراء : ٢٣].
٥١ ـ قوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الأنعام : ١٥١].
ختم الآية الأولى بقوله : (تَعْقِلُونَ ،) والثانية بقوله : (تَذَكَّرُونَ ،) والثالثة بقوله : (تَتَّقُونَ.)
لأن الأولى اشتملت على خمسة أشياء عظام ، والوصيّة فيها أبلغ منها في غيرها ، فختمها بما في الإنسان من أعظم السجايا وهو" العقل" الذي امتاز به على سائر الحيوان.
والثانية : اشتملت على خمسة أشياء يقبح ارتكابها ، والوصيّة فيها تجري مجرى الزجر والوعظ ، فختمها بقوله : (تَذَكَّرُونَ) أي : تتعظون.
والثالثة : اشتملت على ذكر الصّراط المستقيم ، والتحريض على اتباعه واجتناب منافيه ، فختمها بالتقوى التي هي ملاك العمل ، وخير الزّاد.
٥٢ ـ قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤].