ثم قال تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) [النساء : ٧].
غاير بينهما لأنّ الأول وقع في النية ، المأخوذة من آية التيمّم والوضوء ، والنيّة محلّها ذات الصّدور ، والثاني في العمل.
٧ ـ قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) [النساء : ٩].
رفع أجر هنا ونصبه في الفتح في قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الفتح : ٢٩] موافقة للفواصل.
ومفعول (وَعَدَ) هنا محذوف تقديره خيرا.
فإن قلت : كيف قال : وعملوا الصّالحات ولم يقل : وعملوا السيئات ، مع أن المغفرة إنما هي لفاعل السيئات؟!
قلت : كلّ أحد مّمن ليس بمعصوم ، لا يخلو عن سيّئة وإن كان ممن يعمل الصّالحات ، فالمعنى أنّ من آمن وعمل حسنات غفرت له سيئاته كما قال تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود : ١١٤].
٨ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) [النساء : ١٢].
فإن قلت : كيف قال ذلك ، مع أنّ من كفر قبل ذلك كذلك؟
قلت : نعم لكنّ الكفر بعد ما ذكر من النّعم أقبح ممّا قبله.
٩ ـ قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [النساء : ١٣] الآية.
وقال بعده : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) لأن الأول في أوائل اليهود ، والثاني فيمن كانوا في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم أي : حرّفوها بعد أن وضعها الله مواضعها ، وعرفوها وعملوا بها زمانا.
١٠ ـ قوله تعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ) [النساء : ١٤] الآية.
إن قلت : لم قال ذلك ولم يقل : ومن النّصارى؟
قلت : إنما قاله توبيخا لهم ، لأنهم كانوا كاذبين في دعواهم أنهم نصارى ، ادّعاء منهم لنصرة الله بعد ما اختلفوا" نسطورية" و" يعقوبيّة" و" ملكانيّة" أنصار الشياطين.