قاله هنا بالواو ، وفي الشورى (١) بالفاء ، لأنّ ما هنا لم يتعلّق بما قبله كبير تعلق ، فناسب الإتيان به بالواو ، المقتضية لمطلق الجمع ، وما هناك متعلّق بما قبله أشدّ تعلّق ، لأنه عقب ما لهم من المخافة ، بما لهم من الأمنة ، فناسب الإتيان به بالفاء ، المقتضية للتعقيب.
١٣ ـ قوله تعالى : (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها ..) [القصص : ٦٠].
قال هنا بزيادة (وَزِينَتُها) وفي الشورى بحذفه ، لأنّ ما هنا لسبقه ، قصد فيه ذكر جميع ما بسط من رزق أعراض الدنيا ، فذكر" وزينتها" مع المتاع ، ليستوعب جميع ذلك ، إذ المتاع ما لا بدّ منه في الحياة ، من مأكول ، ومشروب ، وملبوس ، ومسكن ، ومنكوح ، والزينة ما يتجمل به الإنسان ، وحذفه في الشورى اختصارا.
١٤ ـ قوله تعالى : (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) [القصص : ٦٤].
جوابه محذوف تقديره : لما رأوا العذاب ، ولا يصح أن يكون جوابها ما قبلها ، لأنّ من يرى العذاب يكون ضالا لا مهتديا.
١٥ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ..) [القصص : ٧٢] الآيتين.
ختم آية الليل بقوله : (أَفَلا تَسْمَعُونَ؟) وآية النهار بقوله : (أَفَلا تُبْصِرُونَ؟) لمناسبة الليل المظلم الساكن للسّماع ، ومناسبة النهار النيّر للإبصار.
وإنّما قدّم الليل على النهار ، ليستريح الإنسان فيه ، فيقوم إلى تحصيل ما هو مضطر إليه ، من عبادة وغيرها بنشاط وخفّة ألا ترى أن الجنة نهارها دائم ، إذ لا تعب فيها يحتاج إلى ليل يستريح أهلها فيه؟
١٦ ـ قوله تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) .. (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) [القصص : ٨٢].
(وَيْكَأَنَ) : أعاده بعد لاتصال كلّ منهما ، بما لم يتّصل به الآخر ، " وي" قال سيبويه كغيره : إنها صلة ، وهي كلمة تدلّ على النّدم ، وقال الأخفش : أصلها" ويك"
__________________
(١) في الشورى (فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) (٣٦).