يَوْمَ وُلِدْتُ) معرفا ، لأن الأول من الله ، والقليل منه كثير ، والثاني من عيسى و" أل" للاستغراق ، أو للعهد كما في قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل : ١٥ ـ ١٦] أي ذلك السلام الموجه إلى يحيى موجه إليّ.
٦ ـ قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا ..) [مريم : ١٧].
أي : جبريل.
فإن قلت : كيف قال ذلك ، مع اتفاق العلماء على أن الوحي لم ينزل على امرأة ، ولهذا قالوا في قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) [القصص : ٧] إنه وحي إلهام ، وقيل : وحي منام.
قلت : لا نسلم أن الوحي لم ينزل على امرأة ، فقد قال مقاتل في قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) إنه كان وحيا بواسطة جبريل ، والمتفق عليه : إنما هو وحي الرسالة ، لا مطلق الوحي ، والوحي هنا إنما هو ببشارة الولد لا بالرسالة.
٧ ـ قوله تعالى : (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) [مريم : ١٨].
إن قلت : كيف قالت مريم ذلك ، مع أنه إنما يتعوّذ من الفاسق لا من التقيّ؟.
قلت : معناه إن كنت ممن يتّقي الله ، فأنت تنتهي عني بتعوذي بالله منك.
وقيل : ظنّته رجلا اسمه" تقيّ" ـ وكان فاجرا ـ فتعوّذت منه (١).
٨ ـ قوله تعالى : (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) [مريم : ١٩].
بتقدير إنما أنا رسول ربك ، يقول لك : أرسلت رسولا إليك لأهب لك ، فيكون حكاية عن الله ، لا من قول جبريل. وقرىء ليهب لك أي ليهب ربّك لك غلاما ، أو بإسناد الهبة إلى جبريل مجازا ، أي لأكون سببا في هبة الولد ، بواسطة نفخي في درعها ، فهو من قول جبريل.
٩ ـ قوله تعالى : (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) [مريم : ٢٠].
لم تقل : بغيّة ، لما قاله ابن الأنباري من أنّ (بَغِيًّا) غالب في النساء ، وقلّ ما يقول العرب : رجل بغيّ ، فتركوا التاء فيه إجراء له مجرى حائض ، وعاقر.
__________________
(١) الصحيح أن المعنى : كنت تقيا فاتركني ولا تؤذني ، فهو شرط حذف جوابه.