وجه الاعتراف منهم بالذنب ، لا على وجه إعلام من لا يعلم ، أو أنهم لما عاينوا عظيم غضب الله ، قالوا ذلك رجاء أن يلزم الله الأصنام ذنوبهم فيخف عنهم العذاب.
٢٤ ـ قوله تعالى : (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) [النحل : ٨٦]
(فَأَلْقَوْا) أي الشركاء كالأصنام (إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ) فسر القول بقوله : (إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) أي في قولكم : إنكم عبدتمونا.!
فإن قلت : لم قالت الأصنام للمشركين ذلك ، مع أنهم كانوا صادقين فيه؟!.
قلت : قالوه لهم لتظهر فضيحتهم ، حيث عبدوا من لا يعلم بعبادتهم.
فإن قلت : كيف أثبت للأصنام نطقا هنا ، ونفاه عنها في قوله في الكهف : (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ؟!)
قلت : المثبت لهم هنا ، النطق بتكذيب المشركين ، في دعوى عبادتهم لها ، والمنفي عنها في الكهف النطق بالإجابة إلى الشفاعة لهم ، ودفع العذاب عنهم ، فلا تنافي.
٢٥ ـ قوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل : ٨٩].
إن قلت : إذا كان كذلك ، فكيف اختلفت الأئمة في كثير من الأحكام؟!
قلت : لأن أكثر الأحكام ليس منصوصا عليه فيه ، وبعضها مستنبط منه ، وطرق الاستنباط مختلفة ، فبعضها بالإحالة إما على السّنة ، بقوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر : ٧] وقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) [النجم : ٣] أو على الإجماع بقوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) [الحشر : ٢] والاعتبار : النظر والاستدلال اللذان يحصل بهما القياس.
٢٦ ـ قوله تعالى : (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل : ٩٦].
قاله هنا بلفظ ما وفي الزمر بلفظ" الذي" موافقة في كل منهما لما قبله ، إذ قبل ما هنا : (إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) وقوله : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) وقبل ما هناك : (أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) وقوله : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ.)
٢٧ ـ قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ..) [النحل : ١١٠] الآية.