الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ)(١) وقرىء «المعذرون» (٢) أي الآتون بالعذر. وعن ابن عباس : «لعن المعذّرين ورحم المعذّرين» (٣) وقال بعضهم : المعذر المقصّر والمعذر المبالغ الذي ليس له. والمعتذر يقال فيمن له عذر وفيمن لا عذر له. ومنه قول عمر بن عبد العزيز لمن اعتذر إليه : «عذرتك غير معتذر» (٤) أي دون أن تعتذر ، لأن المعتذر يكون محقا وغير محقّ. قلت : وهذه التفرقة إنما تصحّ على قولنا : إنّ «المعذّرون» من عذّر بالتّضعيف ، إلّا أنّ الجمهور على أنّ أصله «المعتذرون».
قوله : (قالُوا مَعْذِرَةً)(٥) مصدر أي نعتذر معذرة ، وقرىء بالرفع (٦) ، أي صرنا معذرة ، كقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ)(٧) رفعا ونصبا ، كأنه قيل : أطلب منه أن يعذرني. وأعذر فلان : أتى بما صار به معذورا. يقال : قد أعذر من أنذر (٨).
قالوا : وأصل الكلمة من العذرة : وهي الشيء النجس. ومنه قيل لقلفة الرجل والمرأة عذرة. يقال : عذرت الصّبيّ : طهّرته وأزلت عذرته. وكذلك أعذرت (٩) فلانا ، أي أزلت نجاسة (١٠) ذنبه بالعفو عنه نحو : غفرت له : سترت ذنبه. وسمّوا جلدة البكارة عذرة تشبيها بعذرتها (١١) التي هي القلفة. ومنه قيل : عذرتها كناية عن افتضاضها ، وهو كرأستها أي أصبت
__________________
(١) ٩٠ / التوبة : ٩.
(٢) بفتح الذال مع التشديد قراءة قتادة ، وبفتحها مع التخفيف قراءة السدي ، و «المعاذرون» قراءة ابن أبي ليلى ، و «المعذرون» قراءة ابن عباس ، وكان يسبّ المعذرين (مختصر الشواذ : ٥٤).
(٣) المفردات : ٣٢٨.
(٤) النهاية : ٣ / ١٩٦.
(٥) ١٦٤ / الأعراف : ٧.
(٦) قال الفراء : وأكثر كلام العرب أن ينصبوا المعذرة ، وقد آثرت القراء رفعها ونصبها جائز ، فمن رفع قال : هي معذرة (معاني القرآن : ١ / ٣٩٨).
(٧) ٥٨ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٨) المفردات : ٣٢٨ ومجمع الأمثال : ٢ / ٢٩.
(٩) وفي المفردات : عذرت ، وكلاهما جائز ؛ يقول ابن الأثير : عذرته وأعذرته (النهاية : ٣ / ١٩٦).
(١٠) وفي الأصل : إزالة ، وهو وهم.
(١١) وفي الأصل : بعذرته.