وقيل : هو من ضربته بعذبة السّوط ، وهي عقدة طرفه. وقيل : هي من قولهم : ماء عذب إذا كان فيه قذى وكدر. فقولهم : عذّبته بمنزلة كدّرت عيشه وزلقت (١) حياته.
وأعذب يكون قاصرا ومتعديا ؛ يقال : أعذبت وأعذبت زيدا ، أي امتنعت ومنعت. ومن كلام عليّ رضي الله عنه لسرية بعثها : «أعذبوا عن ذكر النساء فإنّ ذلك يكسركم عن الغزو» ولمّا كان للعذاب أسباب فقد فسرّه المفسرون في كلّ موطن بما يليق به فقالوا في قوله تعالى : (إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ)(٢) أنّ العذاب ما وعدوا به من نصر المؤمنين عليهم فيعذّبونهم قتلا وأسرا ، وفي قوله : (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ)(٣) أي بالمجاعة ، وفي قوله : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ)(٤) هو القتل بالسيف ، وفي قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)(٥) أي عذاب استئصال ، وفي قوله : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ)(٦) أي بالسيف. تخالفت الأسباب والموت واحد.
ع ذ ر :
قوله تعالى : (لا تَعْتَذِرُوا)(٧). وأصل العذر ما يتحّراه الإنسان من محو جنايته. يقال : عذر وعذر نحو عسر وعسر. ثم العذر قيل : على ثلاثة أضرب : أحدها أن يقول : لم أفعل ، قاله الراغب (٨) وفيه نظر لأنّ أهل العرف لا يعدّونه عذرا بل هذا إنكار. والثاني أن يقول : فعلت كذا ، فيخرج بذلك عن كونه مذنبا. والثالث أن يقول : فعلت ولا أعود. قال : وهذا الثالث هو التوبة ؛ فكلّ توبة عذر وليس كلّ عذر توبة. ومنه قوله تعالى : (وَجاءَ
__________________
(١) وفي الأصل : وريقت ، وهو وهم.
(٢) ٧٥ / مريم : ١٩.
(٣) ٧٦ / المؤمنون : ٢٣.
(٤) ٧٧ / المؤمنون : ٢٣.
(٥) ٣٣ / الأنفال : ٨.
(٦) ٣٤ / الأنفال : ٨.
(٧) ٦٦ / التوبة : ٩ ، وغيرها.
(٨) المفردات : ٣٢٧.