قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ [ ج ٣ ]

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ [ ج ٣ ]

تحمیل

عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ [ ج ٣ ]

450/525
*

جاء شاذا مرفوعا (١) ومثله حديثه الآخر (٢) : «شكا إليه رجل النّقرس فقال : كذب عليك الظّهائر» أي عليك بالمشي فيها. ومنه الحديث في من احتجم يوم الخميس والأحد : «كذباك» (٣) أي عليك بهما. وفي حديث عليّ كرم الله وجهه : «كذبتك الحارقة» (٤) أي عليك بمثلها. وقال الفراء : معنى كذب عليك : وجب عليك ، وهو الكذب في الأصل في معنى قوله : «كذب عليكم الحجّ» أن قيل : لا حجّ فهو كذب ، وقال أبو سعيد : معناه الحضّ ؛ يقول : إنّ الحجّ ظنّ بكم حرصا عليه ورغبة فيه فكذب ظنّه. قلت : ورواه الراغب بالنصب (٥) لكنّه في العسل فقال «وكذب عليك العسل» بالنصب أي عليك بالعسل ، وذلك إغراء ، وقيل : العسل ها هنا العسلان ؛ وهو ضرب من السّير ، ولم يذكر في لفظ الحجّ شيئا من رفع ولا نصب. والظاهر أنه لا فرق بين لفظ ولفظ مع إيجاد المعنى ، ويؤخذ من كلام الفرّاء أنّ «كذب» ردّ لكلام متكلّم مراد كأنّ قائلا قال : لا حجّ ، فقيل في جوابه : كذب. ويكون عليكم الحجّ جملة برأسها ، إمّا (٦) إسمية من مبتدأ وخبر إذا رفعنا الحجّ ويفيد فائدة الإغراء ، لأنّ معنى عليكم الحجّ ، أي واجب عليكم الحجّ ، ومعنى الزموا الحجّ واحد ولهذا خرّج بعضهم قوله عليه الصلاة والسّلام : «وإلا فعليه بالصّوم» (٧) أنّ الباء مزيدة في المبتدأ. وقد مرّ إغراء الغائب ، والمعنى مع ذلك موجود وهو وجوب الصوم عليه إن خاف العنت. ومن جعله إغراء فهم الإغراء من لفظ «الكذب». والظاهر أنه مفهوم من لفظ «عليك». وجيء ب «كذب» لما ذكرته أولا عن فهم كلام الفراء ؛ فقد تلخّص من كلامهم أنه ينطق بما بعد «عليك» من هذا التركيب بالرفع والنصّب ؛ فالرفع على الفاعلية ب «كذب» أو بالابتداء ، و «عليك» خبره كما مرّ تفسيره. وإمّا النصب فعلى الإغراء ، والعامل فيه «عليك» ، و «كذب» ردّ لكلام متقدم ، والله أعلم.

__________________

(١) المصدر السابق ، وفي اللسان ـ مادة كذب.

(٢) أي حديث عمر ، والمصدر السابق. والرجل هو عمرو بن معد يكرب. وفيه : « .. كذبتك الظهائر».

(٣) النهاية : ٤ / ١٥٧.

(٤) النهاية : ٤ / ١٥٧. والحارقة : المرأة التي تغلبها شهوتها ، أو الضيقة الفرج.

(٥) وكذا ابن منظور (مادة ـ كذب) يقول : وكذب عليكم الحجّ ، والحجّ ؛ من رفع جعل كذب بمعنى وجب ، ومن نصب فعلى الإغراء. وانظر المفردات : ٤٢٨.

(٦) لم يأت بجوابها. وربما اعتبر جملة «ومن جعل» بعد أسطر جوابها ، ولا يستقيم من جهة النحو.

(٧) النهاية : ٥ / ١٥٢.