قوله تعالى : (قالَ كَبِيرُهُمْ)(١) عنى بذلك أكبرهم عقلا لا سنّا ، وفي الحديث : «أخذ عودا في منامه ليتّخذ منه كبرا» (٢) بزنة طلل. قال شمر : هو الطبل له وجه واحد (٣). وقول المؤذن : «الله أكبر الله أكبر» (٤) ليس فيه تفضيل ، إنّما المراد به الله الكبير ، كقول الأحوص (٥) : [من الكامل]
إني لأمنحك الصدود وإنني |
|
قسما إليك مع الصدود لأميل |
وقول الفرزدق (٦) : [من الكامل]
إنّ الذي سمك السماء بنى لنا |
|
بيتا دعائمه أعزّ وأطول / |
أي المائل ، وعزيز مائل (٧). والنحويون يقولون «من» محذوفة لأنّ أفعل خبر ، والخبر يكثر فيه الحذف ، والتقدير : أكبر من كلّ شيء ، ومثله قول الخنساء (٨) : [من الطويل]
فما بلغت كفّ امرىء متناول |
|
بها المجد إلا حيثما نلت أطول |
أي أطول منه. قال أبو بكر : العوامّ يضمّون الراء من «أكبر» يعني أنّ الصواب فتح الراء ، ووجهه بأنّ الأذان كلماته مبنيّة على السكون لتقطيع كلماتها وترتيلها. فلما كانت الراء ساكنة نقل إليها حركة همزة الجلالة وهي فتحة ففتحت الراء ، وقد اعترض عليه بأن همزة الجلالة همزة وصل وهي ساقطة درجا فكيف ننقل فتحها؟ وهو اعتراض ساقط لأنه قال : إنّ الكلمات على تقدير السكون والقطع من بعضها ، فكأنّ الهمزة مبتدأ بها غير مندرجة. ومثل ذلك قراءة (الم اللهُ)(٩) ففتح الميم ؛ قيل : الفتحة لالتقاء الساكنين ،
__________________
(١) ٨٠ / يوسف : ١٢.
(٢) النهاية : ٤ / ١٤٣ ، والحديث لعبد الله بن زيد صاحب الأذان.
(٣) وقال ابن منظور ـ وقد ذكر الحديث ـ : وقيل : هو الطبل ذو الرأسين.
(٤) جاء أفعل هنا موضع فعيل.
(٥) كذا في الإعجاز والإيجاز ، وفي رواية الديوان (ص ١٥٣) : أصبحت أمنحك.
(٦) الديوان : ٧١٤ ، وهو مطلع لقصيدة طويلة.
(٧) المائل أي ذو الميل وهو الأحوص ، وعزيز مائل هو الفرزدق. وانظر البيتين.
(٨) ديوان الخنساء : ١٠٣ من رثائها لصخر.
(٩) ١ و ٢ / آل عمران : ٣.