والقنع : الاجتزاء بالشيء اليسير ، ومنه قوله تعالى : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)(١) يقال : قنع ـ بالكسر ـ يقنع قنعا وقناعة : إذا رضي واجتزأ باليسير. وقنع ـ بالفتح ـ يقنع قنوعا : إذا سأل ، قال بعضهم : القانع هو السائل الذي لا يلحّ ، ويرضى بما يأتيه عفوا ، وأنشد (٢) : [من الوافر]
لمال المرء يصلحه فيغني |
|
مفاقره أعفّ من القنوع |
فصار قنع مشتركا بين الرضا والاجتزاء وبين السؤال ، ولكن وقع الفرق بينهما بالمصدر كما تقدّم. قال بعضهم : أصل هذه الكلمة من القناع وهو ما يغطّى به الرأس ، فقنع : لبس القناع ساترا لفقره كقولهم : خفي : إذا لبس الخفاء. وقنع : إذا رفع قناعه كاشفا رأسه بالسؤال ، نحو : خفي إذا رفع الخفاء. ومن القناعة : رجل مقنع : يقنع به ، قال الشاعر (٣) : [من الطويل]
شهودي على ليلى رجال مقانع (٤)
وتقنّع بالمغفر على التشبيه بقناع المرأة ، وقنّعت رأسه على التّشبيه بذلك. وفي الحديث : «تقنع يديك في الدعاء» (٥) أي ترفعهما ، وفيه أيضا : «كان إذا ركع لا يصوّب رأسه ولا يقنعه» (٦) أي لا يرفعه حتى يكون أعلى من جسده.
قوله : (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) القانع : الذي لا يسأل ، والمعترّ : الذي لا يعترض. يقال : قنع ـ بالفتح ـ يقنع قنوعا : إذا سأل ، وقنع ـ بالكسر ـ قناعة : إذا لم يسأل وعفّ عمّا في أيدي الناس ، وقد تقدّم ذلك. وفي الحديث : «لا تجوز شهادة القانع لأهل
__________________
(١) ٣٦ / الحج : ٢٢. المعترّ : الذي يتعرّض لكم دون سؤال.
(٢) البيت للشمّاخ كما في اللسان ـ مادة قنع ، والمفردات : ٤١٣.
(٣) عجز للبعيث كما في شرح المفصل : ٥ / ٥٥ ، واللسان ـ مادة قنع ، وجمهرة اللغة : ٣ / ١٢٣. وصدره :
وبايعت ليلى بالخلاء ولم يكن
(٤) وفي رواية : عدول مقانع.
(٥) النهاية : ٤ / ١١٤.
(٦) النهاية : ٤ / ١١٣.