إمضاء وإرادة لما عبد أحد غيره ، كما أنّه قضاء الموت فليس أحد ينجو منه لأنه قضاء إمضاء وإرادة. وقال آخرون : القضاء فصل الأمر قولا كان أو فعلا ، وكلّ منهما نوعان : إلهيّ وبشريّ ؛ فمن الأول قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي أمر.
قوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ)(١) أي أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما فهذا قضاء بالإعلام والفصل في الحكم.
قوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ)(٢) إشارة إلى إيجاده الإبداعيّ والفراغ منه. قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)(٣) أي فصل. ومن القول البشريّ قوله : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ)(٤) قوله : (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ)(٥) أي افزعوا إلى أمر ربّكم وأفضوا ما في أنفسكم.
قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)(٦) أي لفرغ من الأمر وفصل بينك وبينهم.
ويعبّر عن الموت بالقضاء ؛ قال الله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ)(٧) لأنه فصل أمره المختصّ به من دنياه ، وقيل : قضى نذره لأنّه كان نذر وألزم نفسه أنه إذا لقي عدوا لا ينكل عنه أو يموت دونه. وقيل : لأنّ الموت كالمنذور عليه فوفى به.
قوله : (لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)(٨) أي ليمتنا فنستريح. ولذلك قال في موضع آخر (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(٩). وقوله : (فَقَضى عَلَيْهِ)(١٠) أي أماته ، وهو معنى قول
__________________
(١) ٤ / الإسراء : ١٧.
(٢) ١٢ / فصلت : ٤١.
(٣) ١٤ / الشورى : ٤٢.
(٤) ٢٠٠ / البقرة : ٢.
(٥) ٧١ / يونس : ١٠.
(٦) ١٩ / يونس : ١٠ ، وغيرها.
(٧) ٢٣ / الأحزاب : ٣٣.
(٨) ٧٧ / الزخرف : ٤٣.
(٩) ٣٦ / فاطر : ٣٥.
(١٠) ١٥ / القصص : ٢٨.