قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ)(١) هو الاسكندر بن داري ، وفي تسميته بذلك خلاف ؛ فقيل : لأنه كان له ضفيرتان من الشّعر. وقيل : لأنه دعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات ثم أحياه الله تعالى (٢). وحكى عليّ ـ رضي الله عنه ـ قصته كذا ثم قال : «وفيكم مثله» (٣) قالوا : فنرى أن يكون عنى نفسه لأنه ضرب ضربتين : ضربة يوم الخندق ، وضربه ثانيا ابن ملجم لعنه الله ، وقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنّ لك بيتا في الجنة وإنك ذو قرنيها» (٤) أي طرفي الجنة ، وقال أبو عبيد : أحسب أنه أراد الحسن والحسين (٥).
والقرن : البدعة ، وفي حديث خبّاب : «هذا قرن قد طلع» (٦) يعني بدعة لم تكن على عهده صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : أراد قوما أحداثا نبغوا بعد أن لم يكونوا (٧).
وقرنا البئر : عمودان عن يمينها ويسارها يسقى عليهما. والقرن في الحاجبين : التقاؤهما ضدّ البلج. وفي صفته عليه الصلاة والسّلام : «سوابغ في غير قرن» (٨) وهذا خلاف ما روت أمّ معبد رضي الله عنها (٩).
ق ر ي :
قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١٠) قيل هي اسم للمكان الذي يجتمع فيه الناس ، وللناس جميعا ، ثم يستعمل في كلّ واحد منهما ، قاله الراغب (١١). قلت : وعلى هذا فكون
__________________
(١) ٨٣ / الكهف : ١٨.
(٢) ولكن ليس الاسكندر المكدوني لأن هذا كافر وذاك مؤمن (أنظر معجم أعلام القرآن ـ مادة : ذو القرنين).
(٣) النهاية : ٤ / ٥٢.
(٤) النهاية : ٤ / ٥١. ورواية الراغب : « .. لذو ..» (المفردات : ٤٠١).
(٥) هذا ليس قول أبي عبيد على رواية ابن الأثير ، بل قوله : «وأنا أحسب أنه أراد ذو قرني الأمة ، فأضمر».
(٦) النهاية : ٤ / ٥١.
(٧) يعني القصّاص.
(٨) النهاية : ٤ / ٥٤.
(٩) فإنها قالت : «أزجّ أقرن» والأول الصحيح في صفته (المصدر السابق).
(١٠) ٨٢ / يوسف : ١٢.
(١١) المفردات : ٤٠٢.