البرد من حيث إنّ البرد يقتضي السكون كما أنّ الحرّ يقتضي الحركة. وقرّت عينه تقرّ أي بردت ، يكنى بذلك عن السّرور ، وفي ضدّه : سخنت وذلك أن دمعة الفرح قارّة ، ودمعة التّرح حارّة ؛ فالماضي مكسور العين والمضارع مفتوحها. وقررت بمكان كذا ، عكسه. وقرىء قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)(١) بفتح القاف وكسرها (٢) ؛ فالكسر واضح ، وأصله «اقررن» كاضربن فالتقى التّضعيف والكسر فحذف أحد المثلين المتحرك تخفيفا ، ومثله «ظلت» أصله «ظللت» إلا أنّه يجوز هنا فتح الفاء وكسرها بعد الحذف نحو : ظلت وظلت إلا أنه لم يقرأ قوله : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)(٣) إلا بالفتح لأنه الأصل. وقيل : من وقر يقر نحو وعد يعد. وأما الفتح فقيل : هو من قرّ بالمكان يقرّبه بالفتح في المضارع ، وفيه نظر لأنه لا مسوّغ للحذف لخفّة الفتح ، والأولى أن يجعل من قار يقار أي اجتمع ، فيكون مثل خفي من الخوف ، وقد أتقنّا هذا في غير هذا ، وقال النابغة الذبيانيّ (٤) : [من البسيط]
أنبئت أن أبا قابوس أوعدني |
|
ولا قرار على زأر من الأسد |
أي ولا أمن ولا ثبات ولا استقرار. ويوم القرّ : يوم من أيام النّحر ، لاستقرار الناس فيه بمنى ، كذا قاله الراغب (٥). وقال غيره : هو غد يوم النحر وهو الظاهر ، نصّ عليه الهرويّ (٦)
واستقرّ فلان : تحرّى القرار. وقد يستعمل في مكان قرّ كاستجاب وأجاب ، وقال تعالى في الجنة : (خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا)(٧) وفي النار (ساءَتْ مُسْتَقَرًّا)(٨). وقال ابن عباس في قوله تعالى : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) مستقرّ في الأرض ومستودع في الأصلاب ، وقال ابن
__________________
(١) ٣٣ / الأحزاب : ٣٣.
(٢) قرأ عاصم وأهل المدينة بالفتح «وقرن» ، ولا يكون ذلك من الوقار ، ولكن نرى أنهم أرادوا : واقررن فحذفوا الراء الأولى. وقراءة كسر القاف من الوقار (معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٤٢).
(٣) ٦٥ / الواقعة : ٥٦.
(٤) من معلقته ، الديوان : ٢٥ ، وفيه : نبئت. وأبو قابوس هو النعمان بن المنذر.
(٥) المفردات : ٣٩٨.
(٦) وهو حادي عشر ذي الحجة.
(٧) ٢٤ / الفرقان : ٢٥.
(٨) ٦٦ / الفرقان : ٢٥.