إلا لكثرة شحمها ورعيها فتجفّ أبعارها وأبوالها على أفخاذها. وفي حديث شريح : «كان يردّ بالعبس» (١) يعني يردّ الرقيق (٢) بالبول في الفراش ، إذا كان شيئا كثيرا. وهذا استعارة لأنّ أصله في الإبل كما تقدّم. قال بعضهم : نسب العبوس إلى اليوم لوقوع عبوس الوجوه فيه كقوله : (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ)(٣) لوقوع العصف فيه ، وهو حسن.
ع ب ق ر :
قوله تعالى : (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ)(٤) قال الفراء : الطنافس [الثخان](٥) وقال (٦) مجاهد : من الديباج. وقال أبو عبيدة : هي البسط كلّها. والعبقريّ عندهم : كلّ شيء مستغرب فائق ؛ وتزعم العرب أنّ عبقر قرية تسكنها الجنّ يصنعون بها صنائع عجيبة ؛ فكلّ ما استغربوه واستعظموه نسبوه إلى تلك القرية ؛ فيقولون : عبقريّ. وقال عليه الصلاة والسّلام في حديث المنام عن عمر : «فلم أر عبقريّا يفري فريّه» (٧). قال أبو عبيدة : قال الأصمعيّ : سألت أبا عمرو بن العلاء عن العبقريّ فقال : يقال : هذا عبقريّ قوم ، كقولك : سيد قوم وكبيرهم وقويّهم ونحو ذلك. والجمع عباقريّ ، وقد قرىء بذلك (٨). وقيل : عبقريّ جمع عبقريّة ، يعني اسم جنس. وقيل : هي البسط التي فيها صور وتماثيل ، ووصفها بالجمع يدلّ على أنها اسم جنس.
__________________
(١) النهاية : ٣ / ١٧٢ ، وفيه : «من العبس».
(٢) يريد العبد البوّال في فراشه.
(٣) ١٨ / إبراهيم : ١٤.
(٤) ٧٦ / الرحمن : ٥٥.
(٥) بياض في ح ، وموصول في س. والإضافة من معاني القرآن : ٣ / ١٢٠.
(٦) الفعل ساقط من ح.
(٧) النهاية : ٣ / ١٧٣.
(٨) وهذا لا يجوز لأن المنسوب لا يجمع على نسبته ولا سيما الرباعي. ويقول ابن الأثير عن معاذ بن مسلم : وأما عباقري فلا ؛ لأن ألف الجمع لا يكون بعدها أربعة أحرف ولا ثلاثة صحاح (معاني القرآن : ٣ / ١٢٠).