ع ب د :
قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)(١) أي نذلّ ونخضع. والعبودية : إظهار التذلّل ، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلّل. ولا تليق إلا بمن له غاية الإفضال كالباري تعالى. والعبد أعمّ من العابد إذ يقال : عبد زيد ولا يقال : عابده. قال بعضهم : عباد الله وعبيد الناس. فيقع الفرق في الجمع. ونقضه بعضهم بقوله : (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(٢). وللعبد جموع كثيرة (٣) : عباد وعبيد وأعبد وعبدان وعبدان وعبدّاء وعبد وأعابد ومعبوداء ومعبودى وعبدون ومعبدة. وقال الراغب (٤) : وجمع العبد الذي هو مسترق عبيد ، وقيل : عبدّى. وجمع العبد الذي هو العابد عباد. قال : العبيد إذا أضيف إلى الله تعالى أعمّ من العباد. ولهذا قال : (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ، فنبّه أنه لا يظلم من تخصّص بعبادته ومن انتسب إلى غيره من الذين تسّموا بعبد الشمس وعبد اللات. ثم العبد يقال على أنواع :
الأول : عبد بحكم الشارع ، وهو ما يجوز بيعه وشراؤه من الآدميين. ومنه قوله تعالى : (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ)(٥) يعني الذي في الرّقّ.
والثاني : ما يكون عبدا بالإبداع والاختراع وهذا لا يكون إلا لله تعالى إذ هو موجد الأشياء كلّها. وإلى هذا النوع أشار بقوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً)(٦).
__________________
(١) ٥ / الفاتحة : ١.
(٢) ٢٩ / ق : ٥٠.
(٣) جاء في هامش الورقة ٢٣٠ من النسخة ح : عبد في الأصل وصف غلب عليه الاسمية وله عشرون جمعا نظم ابن مالك منها أحد عشر في بيتين ، واستدرك السيوطي عليه الباقي في أخرى. فقال ابن مالك :
عباد وعبيد جمع عبد وأعبد |
|
أعابد معبوداء معبدة عبد |
كذلك عبدان وعبدان اثنتا |
|
كذاك العبدى ... |
قال السيوطي :
وقد زيد أعباد عبود وعبّده |
|
وخفف بفتح والعبدّان شدّه |
وأعبدة عبدون ثمت بعدها |
|
عبدون معبودا بقصر ... |
(٤) المفردات : ٣١٩.
(٥) ١٧٨ / البقرة : ٢.
(٦) ٩٣ / مريم : ١٩.