أطول الناس أعناقا يوم القيامة» (١) قال ابن الأعرابيّ : أكثر الناس أعمالا. ومنه : لفلان عنق من الخير (٢). وقال بعضهم : هو على حقيقته ، وذلك أنّ الناس في الكرب يومئذ وهم في الرّوح مشرئبّون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة. وقيل : إنّ ذلك كناية عن شرفهم وفضلهم ، وذلك أنّ المستبشر بخير لا يطأطىء برأسه ولا يخفض رأسه ولا يغضّ طرفه بخلاف من هو في خشية ، فإنه يطرق رأسه ، فبشّروا بأنهم بهذه الصفة. وقيل : ذلك يدلّ على كونهم رؤساء فضلاء من قولهم : عندي أعناق الناس كما تقدّم في الآية الكريمة. ويقال : العرب تصف السادات والأكابر بطول العنق وأنشد (٣) : [من البسيط]
يشبهون سيوفا في صرامتهم |
|
طوال أنصية الأعناق والأمم |
وروى بعضهم «إعناقا» بكسر الهمزة (٤) على أنه مصدر من أعنق ، مأخوذ من سير العنق وهو الإسراع. وفي الحديث : «كان يسير العنق» (٥). وفي حديث آخر : «لا يزال الرجل معنقا ما لم يصب دما» (٦) أي منبسط في سيره. وفي حديث آخر : «أنّه بعث رجلا في سرية فانتحى له عامر بن الطّفيل فقتله فلمّا بلغ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : أعنق ليموت» (٧). وهذا مثل مشهور تفسيره أنّ المنية أسرعت به وساقته إلى مصرعه. وقال أبو موسى : «فانطلقنا إلى الناس معانيق» (٨) أي مسرعين. ويقال : أعنقته كذا أي جعلته في عنقه ، وعنه استعير أعنق الأمر ، وتعنّق الأرنب : رفع عنقه. والعناق : الأنثى من المعز ، وهو علم لامرأة أيضا.
والعنقاء : طائر عجيب الخلق يتوهم العرب وجوده كالغول. وزعم بعضهم أنها كانت
__________________
(١) النهاية : ٣ / ٣١٠.
(٢) أي قطعة منه.
(٣) البيت للسّمر دل بن شريك اليربوعي ، وعجزه مذكور في اللسان ـ مادة أمم. ومذكور في التاج ـ مادة عنق ، ورواية عجزه فيه :
وطول أنقية الأعناق واللمم
(٤) رواية الحديث السابق. أي أكثر إسراعا إلى الجنة.
(٥) النهاية : ٣ / ٣١٠.
(٦) النهاية : ٣ / ٣١٠ ، وفيه : «لا يزال المؤمن ...».
(٧) النهاية : ٣ / ٣١٠ ، والرجل هو حرام بن ملحان. واللام للعاقبة.
(٨) النهاية : ٣ / ٣١٠.