خَشِيَ الْعَنَتَ) يريد الهلاك في الزّنا ، وأن يحمله الشّبق على الفجور. ومثله : (لَعَنِتُّمْ)(١) أي لهلكتم ووقعتم في العنت.
وقوله تعالى : (وَدُّوا ما عَنِتُّمْ)(٢) أي تمنّوا ما أعنتكم وأوقعكم في الهلكة. والتقدير : ودّوا عنتكم. وفي الحديث : «فيعنتوا عليكم دينكم» (٣) أي يدخلون الضرر عليكم في دينكم. وقال بعضهم : المعانتة كالمعاندة ، لكنّ المعانتة أبلغ لأنها معاندة فيها خوف وهلاك (٤) ، ولهذا يقال : عنت فلان : إذا وقع في أمر يخاف منه التّلف ، يعنت عنتا (٥). ويقال للعظم المجبور إذا أصابه ألم (٦) فهاضه.
ع ن د :
قوله تعالى : (عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٧) هذا إشارة إلى رفعة رتبهم وليس ثمّ عنديّة حقيقية إذ الباري لا يتحيّز ، كما تقول : فلان عزيز عند الملك ، وإن كان غائبا عن حضرته. وعند : ظرف مكان لا يتصرف بأكثر من جرّه بمن. ويقلّ فتح عينه وضمّها. وقال بعضهم : عند : لفظ موضوع للقرب ؛ فتارة يستعمل في المكان وتارة في الاعتقاد ، نحو : عندي كذا. وتارة في الزّلفى والمنزلة. قال تعالى : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ)(٨)(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ)(٩). ومن ثمّ قيل للملائكة : المقرّبون ، لا يراد بذلك منزلة مكانية.
قوله : (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)(١٠) أي حائد عن القصد والسواء ؛ يقال : رجل عنيد وعنود وعاند. وينبغي أن يكون عنيد وعنود أبلغ من عاند. قال الليث : العنود من الإبل
__________________
(١) ٧ / الحجرات : ٤٩.
(٢) ١١٨ / آل عمران : ٣.
(٣) النهاية : ٣ / ٣٠٦.
(٤) وفي س : خوف الهلاك ، وفي ح : خوف هلاك. ولعلها كما ذكرنا.
(٥) وفي الأصل : عنت عنتا.
(٦) وفي الأصل : آخر.
(٧) ٦٢ / البقرة : ٢.
(٨) ٤٧ / ص : ٣٨.
(٩) ٢٠٦ / الأعراف : ٧.
(١٠) ١٥ / إبراهيم : ١٤.