تحته عماء وفوقه عماء» (١) قال بعضهم : إنّ ذلك إشارة إلى أنّ تلك حالة تجهل (٢) ولا يمكن الوقوف عليها.
قلت : تحيّر الباري محال ، وإنما وقع السؤال ممّن سأل لأنّه لم تتقرّر بعد عنده قواعد العقائد ، وجوابه بقوله عليهالسلام بذلك فيه إشعار بأنّ الله لا يحويه مكان لا قبل وجود السماء ولا بعد وجودها. ولا يعني أنه كان في سحاب تعالى عن ذلك. وقد روى الحديث كذا الراغب في مفرداته ، ورواه الهرويّ في غريبه : «كان في عمايته تحته هواء وفوقه هواء». قال أبو عبيد : العماء : السحاب في كلام العرب ، ولا يدرى كيف كان ذلك العماء. وحكي عن أبي الهيثم أنه قال : هو في عماء يتصور. وقال : هو كلّ أمر لا يعقله بنو آدم ولا يبلغ كنهه الوصف ولا تدركه الفطن. وقال بعضهم : معناه أين كان عرش ربّنا؟ كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٣). وقال : ويدلّ على ذلك قوله (٤) : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ)(٥) وفي الحديث : «نعوذ بالله من الأعميين» (٦) ؛ الحريق والسيل. وفي الحديث : «من قتل تحت راية عمّيّة» (٧). قال بعضهم (٨) : هو الإصر الأعمى (٩) كالعصبيّة لا تستبين وجهه.
وأمّا عما يعمو فمادة أخرى ومعناه الخضوع ، وقد يراد به التحيّر. وفي الحديث : «مثل المنافق مثل شاة بين ربيضين تعمو إلى هذه مرة وإلى هذه مرة» (١٠). وفي الحديث : «نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظهيرة صكّة عميّ (١١) ؛ قال أبو زيد : هو أشدّ الهاجرة. قال أبو
__________________
(١) النهاية : ٣ / ٣٠٤ ، وفيه : « .. في عماء تحته هواء وفوقه هواء». والحديث لأبي رزين. وانظر بعد سطور.
(٢) في الأصل : ما تجهل.
(٣) ٨٢ / يوسف : ١٢.
(٤) ساقطة من ح.
(٥) ٧ / هود : ١١.
(٦) النهاية : ٣ / ٣٠٥ ، وفيه : «تعوّذوا بالله ..».
(٧) النهاية : ٣ / ٣٠٤.
(٨) وفي م : قال ابن حنبل.
(٩) وفي م : الأمر الأعمى.
(١٠) النهاية : ٣ / ٣٠٦.
(١١) النهاية : ٣ / ٣٠٥.