الفرق بين الأقوال والأفعال فيقولون : سديد الأقوال والأفعال. وقال بعضهم (١) : العمل كلّ فعل من الحيوان يقصد فهو أخصّ من الفعل ، لأنّ الفعل قد ينسب إلى الحيوانات التي يقع منها فعل بغير قصد ، وقد ينسب إلى الجمادات. والعمل قلّما ينسب إلى ذلك ، ولم يستعمل العمل في الحيوان إلا في قولهم البقر والإبل العوامل. والعمل يستعمل في الصالح والطالح ؛ قال تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)(٢) وقال تعالى : (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ)(٣). قوله : (وَاعْمَلُوا صالِحاً)(٤) الظاهر أنّ صالحا مفعول به. وقيل : نعت مصدر. قوله : (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها)(٥) أي المولّون عليها ، والعمالة : أجرته. والعامل من الرمح ممّا يلي السّنان. واليعملة : الناقة والجمل يعمل. قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ)(٦). قيل : عملت في الدنيا بغير ما يقرّب إلى الله. وقيل : أنهم الرهبان ومن جرى مجراهم. وقيل : (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) يعني شدّة مقاساتها العذاب وقيل : العمل والنصب بمعنى. قال الهرويّ : والعمل : التعب والنصب. وقال القطاميّ (٧) : [من البسيط]
إن ترجعي من أبي عثمان منجحة |
|
فقد يهون على المستنجح العمل |
أي النصب والتّعب. قوله : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ)(٨) أي صنعته ، وما يجوز أن تكون نافية ، أي لم تعمله أيدي الخلق إنّما عملته أيدينا ، أي قدرتنا. وقوله : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا)(٩) هو كقوله : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ). وقيل : (أَيْدِينا) أي نعمتنا قال : ودليل النعمة قوله تعالى : (أَفَلا يَشْكُرُونَ)(١٠). قلت : قال بعضهم : اليد بمعنى النّعمة ، تجمع على أياد (١١) ، وبمعنى الجارحة على أيد ، وهذا يردّ هذا القول. قوله : (فَاعْمَلْ إِنَّنا
__________________
(١) يعني الراغب (المفردات : ٣٤٨).
(٢) ٢٩ / الفتح : ٤٨ ، غيرها.
(٣) ٤ / العنكبوت : ٢٩.
(٤) ٥١ / المؤمنون : ٢٣ ، وغيرها.
(٥) ٦٠ / التوبة : ٩.
(٦) ٢ ، ٣ / الغاشية : ٨٨.
(٧) الديوان : ٢٩.
(٨) ٣٥ / يس : ٣٦.
(٩) ٧١ / يس : ٣٦.
(١٠) تابع الآية قبل السابقة.
(١١) في الأصل : أيادي ، وما بعدها : أيدي.